التفجيرات التي هزت المنتجعات السياحية في شرم الشيخ بمصر وخلفت وراءها ما يقارب المائتين وتسعين ما بين قتيل وجريح من جنسيات مختلفة، لم تأت بجديد سوى تأكيدها للنهج الذي يتبعه السلوك الإرهابي في حقيقة أنه لا يفرق بين متعاطف ومكافح، أو بين مسالم ووالغ، فالمنهجية التي يطل منها على العالم هي منهجية عدمية قوامها القتل والتدمير الأعمى ونشر الفوضى في أي مكان يمكن أن يشتم منه رائحة التجمعات البريئة. أقول هذا الكلام الذي مللنا ومل القارئ من ترديده بحيث أصبح ممجوجاً ومنتظراً إلقاؤه في زوايا النسيان بعد أن كَلّ الذهن من التنظير وبقي الأهم في مسيرة مكافحة هذا الوباء ألا وهو التطبيق العملي المتطلع أولاً وقبل كل شيء إلى الاقتناع بوقوع الجميع بل الإنسانية جمعاء في فخ ذا الطاعون المنتشر انتشار النار في الهشيم، أعود مرة أخرى للتنظير بعد أن ألقت التفجيرات الأخيرة بمصر العزيزة بظلال كثيفة من التساؤل عن مدى تأثير هذا الحدث على جمع من المترددين أو المتعاطفين في مصر مع ما يطلقون عليه زوراً وبهتاناً ب «المقاومة الشريفة في العراق»، يحار العاقل في مثل هذه الفتن التي تدع الحليم حيراناً لا يدري ماذا يفعل، وتزداد حسرته وألمه بل واضطرابه إن قُدر له أن يتابع هلع جمع غير قليل من الصحفيين والأدباء والمفكرين المصريين عند أي بادرة نقد لإرهاب العراق الذي قتل براءة الطفولة وأباد خضرة القلوب، مفكر يدعي أنه عقلاني اعتزالي مثل الدكتور «محمد عمارة» لا يكل ولا يمل من ترديد نغمته النشاز التي يرددها في كل مناسبة المتمثلة بترحيبه بكل من «يقدم روحه فداءً للمقاومة الشريفة في العراق» مقاومة اغتيال الأطفال والتمثيل بجثثهم في الشوارع!!!! حركة مثل حركة «كفاية» قدمت أجندتها للجمهور المصري على أنها البديل الديمقراطي الحداثي الإنساني، فإذا هي مع أول بادرة لاختبار أجندتها على أرض الواقع ترتكس في ظلمات الجاهلية والقرون الوسطى بتضمين بياناتها الأخيرة ما تعتبره «تحياتها وأشواقها الحارة وأمنياتها العزيزة» للمقاومة في العراق التي لا تقاوم شيئاً هناك قدر مقاومتها الضروس لأية قيم إنسانية يراد تبيئتها على أرض الرافدين، وهي نفس القيم التي تدعي حركة «كفاية» أنها انتدبت نفسها لتجذيرها في مصر فيا للمفارقة، بل يا للحسرة في أن تكون نواة حركات المجتمع المدني التي يراد لها أن تكون دعامات ناهضة لفلسفة التنوير العربي تبشر وتشرعن للإرهاب، وليس أمامي من قول سوى أن أتمثل بشطر بيت جرير الثاني عندما جاءته الأنباء بأن الفرزدق عازم على قتل «مربع» إذ هدأ من روعة هذا المربع وبشره بقوله «أبشر بطول سلامة يا مربعاً» وها أنذا بالنيابة عن تلك الحركة الكسيحة أبشر الحكومة المصرية بطول سلامة وطول أمد بل وبدعاء مني ومن كل راغب في التحديث والتنوير العربي بأن يبقيها الله ومثيلاتها لأن لا ترتكس الأمة في ظلمة أكثر مما هي عليه الآن عندما تسيطر عليها من تعتبر ذبح البشر بالسواطير والسكاكين مقاومة وطنية!!!!. على نفس المنوال، ظل الكثير من الإعلاميين والمفكرين المصريين يدبجون مشاركات إعلامية مكثفة توزعت ما بين مناشط إعلامية واسعة كلها تشيد بما يطلقون عليه مقاومة الشرفاء في العراق، وكانوا ولا زالوا يظنون أنهم بهذا النهج بعيدون عن أنياب الثعابين بحكم أنهم من المناصرين والداعمين، فإذا الثعابين لا تجد من تلتف عليه وتنهشه بأنيابها لحظة التقاطها لأنفاسها إلا أيدي مروضيها التي تعبت من تتابع التصفيق لما تعمله الذئاب البشرية في أرض الرافدين. كانت القاعدة تربط أعمالها الإرهابية التي تستهدف الأبرياء أولاً بوجود القوات الأجنبية في البلاد التي أُبتليت بعدميتها، وما أن بدأت القوات الأجنبية تشد الرحال من المملكة مثلاً - أولى البلدان التي ما فتئت القاعدة تضرب على وتر تواجد القوات الأجنبية فيها - إلا وازدادت حمى الإرهاب فيها حتى حاصرتها قوات الأمن السعودية وقضت على أوكارها وأفراخها باحترافية متناهية ، وبعد أن قضى النظام العراقي نحبه راج في الأجندة الإرهابية مبرر آخر للإرهاب ربطه شياطينه بتواجد قوات بعض الدول في العراق، وبدأ السذج العرب - وما أكثرهم - يواصلون الضرب على وتر هذا المبرر الأضحوكة نيابة عن القاعدة، فكان أن اكتشفوا ومنظروهم من ورائهم أن لا رابط عقلانياً بين الضربات الإرهابية وبين مثل تلك الإدعاءات، فمصر كانت من أشد الدول معارضة للتدخل في العراق وهو الموقف الذي عرضها لهجوم إعلامي أمريكي غيرمسبوق كما وليس لها قوات أوشبهها هناك، ومع ذلك فالسيل الإرهابي العرم لم يوفرها أو يحفظ لها هذا الموقف، شأنها في ذلك شأن فرنسا التي رفضت التدخل العسكري في ذلك البلد وكانت على وشك استخدام حق النقض ) الفيتو( عشية عرض قرار الغزو على مجلس الأمن، ومع ذلك فلم يسلم إعلاميوها في العراق وغيرهم ممن يساهمون في لملمة جروح العراقيين من الاختطاف والترويع والقتل مما يؤكد مرة تلو الأخرى أن لا ثمة هدف براغماتي من وراء الغزوات الإرهابية غير القتل والتدمير العدمي، القتل لذات القتل، والتدمير لذات التدمير، وضرب اقتصاديات الدول لذات الضرب، هذه هي إستراتيجية القاعدة يا من بُحَّت أصواتكم إشادة بمن تشيرون لها بالمقاومة الشريفة في العراق والتي كان لها قصب السبق في اغتيال براءة الأطفال وبقر بطون النساء واستباحة الأعراض. هل تريدون أمثلة لما يجري من أعمال يومية مروعة على أيدي تلك المقاومة؟ حسناً إليكم ما اصطاده الراصد كعينات عشوائية من آلاف العينات، يذكر الباحث والصحفي العراقي «رشيد الخيون» أنه فيما كانت الشرطة العراقية تجري تحقيقاتها مع بعض الإرهابيين العرب الذي قبض عليهم كانت إجاباتهم خلال التحقيقات وتبجحهم بها أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، فبعد أن عدد كل واحد من أولئك الإرهابيين كم قتل وكم ذبح من العراقيين، انبرى قسم منهم ليعدد كم اغتصب من طالبات المدارس، وعندما سأل المحقق أولئك المجانين عمّن أمرهم باغتصاب طالبات لا زلن في براءة الطفولة أجابوا بأنه «الشيخ ابراهيم» و عنما سألهم المحقق عن هذا الشيخ من يكون؟ وما موقعه منهم ؟ أجابو بأنه أميرهم وسيدهم وأنه سلمهم تلك الفتيات وأمرهم بقتلهن بعد اغتصابهن !!!!!