يعمل العديد من الشباب سائقي أجرة لساعات طويلة؛ بحثاً عن "لقمة العيش"، وتحصيل قوت يومهم، أو جمع "دراهم معدودة" تقيهم ذلّ سؤال الآخرين!، إلاّ أنّ اللافت أن كثيراً من النساء كسرن حاجز الخوف تجاه الركوب مع السائق السعودي، بل أصبحن يتصلن به مباشرة في مشاوير عائلية خاصة، ويعرف المنزل، ويركبن معه من دون شك أو ريبة، وهو ما يعني أن السائق السعودي بدأ يحظى بالثقة في السوق بدلاً من الأجنبي الوافد، وهو ما يتطلب أيضاً أن يكون على مقدار هذه الثقة، ولا يخذل من وثق فيه بسلوكيات وتصرفات مراهقين، حيث تتذمر بعض السيدات من مبالغة بعض السائقين في الاعتناء بمظهرهم؛ لدرجة أنّ بعضهم "يتميلح"، ويحرص على ارتداء أجمل ملابسه، ويتعطّر، ويتزيّن، وكأنّه خارج في موعد خاص لا "مشوار عمل"!. سائقون محبطون وذكر "ناصر محمد" أنّه يعمل موظفاً في إحدى الدوائر الحكومية، وينتهي عمله الساعة الثانية بعد الظهر، وقد قرر أن يزيد من دخله المادي؛ لذلك اشترى سيارة أجرة، مبيّناً أنّه لم يقتنع بتغيير "الثوب" و"الشماغ" ولبس "قميص" و"بنطلون" خاصين بالعمل، أو ارتداء زي موحد كما يفعل السائقون الخاصون بشركات الأجرة، إلاّ أنّه مع مرور الوقت اتضح له أنّ النساء يرفضن الركوب في سيارته، وبمجرد ما يرين "الثوب" و"الشماغ" حتى يرددن: "ما نركب مع سعودي"!. لا يهم الثمن! وبيّن "عبدالله مسلط" أنّ الرجال لا يهمهم كون سائق سيارة الأجرة سعودياً ويرتدي "ثوباً" و"غترة"، ولكن النساء يرفضن تماماً التعامل مع أي سعودي، مضيفاً: "في أحد الأيام كنت متوقفاً عند مركز تجاري، وأمامي سائق أجرة غير سعودي طلبت منه سيدة سعودية مع بناتها أن يوصلهن إلى منزلهن، وكانت الساعة التاسعة مساءً، وطلب منها (40) ريالاً، وأخذت تجادله في الثمن، فاقتربت منها وعرضت أن أوصلهن ب(25) ريالاً، فما كان منها إلاّ أن رفضت، وفضلت السائق غير السعودي". «قميص وبنطلون» أفضل من ثوب وشماغ ويكسران حاجز «الهيبة» وربما الخوف من الرجل نظرة خاطئة ولفت "مطلق حمود" إلى أنّ الشخص قد يكون مجبوراً على مسايرة الواقع؛ فبعض النساء يظنن أنّ الشاب السعودي ليس لديه أخلاق، ويمكن أن يتعرض لها، ويزيد خوفها إذا علم بمكان سكنها، مستدركاً: "لكن مما يثلج الصدر موقف سيدة في الخمسين من العمر ومعها فتاتان كن أمام أحد المستشفيات، وكنت وقتها أرتدي الزي السعودي، وسألتها عن وجهتها، فرفضت إحدى الفتاتين التجاوب معي؛ لأني سعودي!، لكن السيدة الكبيرة أسكتتها، بل وواجهت سائقاً غير سعودي كان يفاوضها، بأن طلبت منه الابتعاد، وحين أخبرها بأني سعودي، ردت عليه: (السعودي أحسن منك)". خصوصية الحديث واعتبرت "منيرة سعود" أنّه من الصعب التعامل مع السعودي؛ لأنّها لا تعرف أخلاقة!، ولا تستطيع مواصلة الحديث بخصوصية طوال الطريق، وغير السعودي لا يعرف ما تقول، ويخاف من التعرض لهم؛ لأنّه ليس ابن البلد، وهدفه لقمة العيش. ورأت "غادة بندر" أنّ السائق السعودي أفضل، وقد سبق لها التعامل مع بعضهم، ولكن منهم من يرفض إيصالها؛ لأنّ مقر سكنها بعيد، ويطلب منها مضاعفة الثمن، بينما غير السعودي ليس لديه مشكلة على الإطلاق. تكافل اجتماعي وأبدت "صيتة تركي" تفضيلها للتعامل مع السائق السعودي، سواء أكان مرتدياً الزي الوطني أو غيره؛ لأنّ لديه النخوة، والفزعة، والحرص على ابنة بلده، مبيّنة أنً أنّ نظرة المجتمع للشباب الذين يعملون لأجل لقمة عيشهم قد تغيرت، وهناك احترام لمهنهم، وتقديرٌ لكفاحهم؛ مما جعل الكثير من الناس حريص على أن يشجعهم من باب التكافل الاجتماعي، ومساعدتهم في البحث عن الرزق. شكراً حنين! وروت "حنين" قصتها مع أحد السائقين السعوديين، الذين يعملون في إحدى شركات الأجرة؛ قائلةً: "استلقيت إحدى سيارات الأجرة العامة مع شقيقتي، وكنا نتحدث طوال الوقت عن ما نريد فعله في إحدى المناسبات، وعندما وصلنا للمنزل حاسبت السائق، ورد شاكراً لي باسمي!، ونحن في دهشة من موقفه، فقد كان يرتدي ملابس أجنبية، ويتحدث معنا بالعربية المكسرة". بساطة وتسامح وثمنت "ابتسام حمد" موقف سائق أجرة سعودي نقلها إلى عملها، ولم تكن تحمل معها كامل المبلغ المتفق عليه، وعندما طلبت منه الانتظار أو العودة بعد نهاية وقت العمل حتى يأخذ كامل مبلغه؛ رفض ذلك مكتفياً بما أخذه منها، معتبرةً أنّ هذا يدل على بساطة وتسامح الشاب السعودي. أسهل الطرق وقال "صالح النفيعي" -مسؤول في إحدى شركات الأجرة-: "لا يوجد زي موحد للعاملين، فهناك سائقون من مختلف الجنسيات الذين يرتدون زى بلدهم، ولكن السائقين السعوديين على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم أصبحوا مقتنعين أنّ تغيير الزي واللغة أسهل الطرق في اقناع النساء للتعامل معهم، فهناك سعوديون متعاقدون مع معلمات لتوصيلهم كل يوم لمقر عملهم مقابل (3000) أو (4000) ريال في الشهر، وقد يلغى الاتفاق في حالة علمهن بأنّهم سعوديون، وهناك سعوديات يطلبن التعامل مع سائقين سعوديين". سلوكيات فردية وأضاف "النفيعي": "من وجهة نظري أنّ وعي المجتمع تغير بشكل تدريجي، ففي الماضي كان من العيب أنّ المرأة السعودية تركب سيارة أجرة، بحكم عادات المجتمع الذي يرفض ذلك مهما بلغت من الظروف، ولكن الوضع تغير الآن، وأصبحت المرأة السعودية تستخدم سيارات الأجرة في تنقلاتها الوظيفية أو حتى مشاويرها اليومية، فعزوف المرأة السعودية عن سيارات الأجرة التي يعمل بها سعوديون مسألة قناعة، أمّا المبالغة في المظهر فهي سلوكيات فردية ولا نستطيع أن نعممها على الجميع". اختلاف التعامل وأشار "عبدالله الثقيل" -موظف حكومي- إلى أنّه يحترم كل سعودي يعمل، ولو كان في مهنة بسيطة، حيث إنّه قرر أن يعتمد على نفسه بدلاً من أن يمد يده للآخرين، مضيفاً: "لا مانع لدي إطلاقاً أن تتعامل أسرتي مع سائق الأجرة السعودي؛ لأنّه أعلم بالطرق وأعرف بالأحياء، ويسهل التعامل معه، ولديه شهامة ونخوة، ويعامل ابنة وطنه مثل أخته". وأيده "بدر المطيري" -معلم- مضيفاً: "أنا مع ابن البلد من دون تردد، ولكن لابد أن يكون هناك ضوابط للسائق السعودي، مثل أن لا يكون لديه سوابق أخلاقية، وأن يكون عمره فوق الأربعين، أما أصغر من ذلك، فلا يمكن أن أقبل بركوب عائلتي معه". وشدد "سالم المجلاد" -طالب- على أنّه يرفض تماماً أن يوصل أسرته أي سائق سعودي؛ لأنّه لا يعرف سلوكهم، ومن الصعب -على حد قوله- الوثوق بهم، ولكنه يحترمهم؛ لأنّهم يسعون إلى كسب المال بالعمل الشريف. تغيرت نظرة المجتمع تجاه ركوب النساء مع سائق سيارات الأجرة السعودي البحث عن الخصوصية سبب تفضيل النساء للسائق الأجنبي أحياناً تشجيع المجتمع للشباب لا يعني قبول التجاوزات