من يشاهد التلفزيون ويستمع لنشرات الأخبار ويرى مايجري في بعض الدولة العربية القريبة من مظاهرات ونزاعات وتفجيرات وصراعات واغتيالات وقتل وإراقة دماء يحمد - الله - مليون ومليار وتريليون مرة على نعمة الأمن التي يعيشها بلدنا. فالشعب السوري يعيش منذ أكثر من سنتين حرباً طاحنة ومدمرة يشنها عليه نظام بشار الأسد من دمشق إلى حمص وحلب ودير الزور ودرعا وبقية المدن.. مستخدماً الدبابات والطائرات والقنابل والمدافع والصواريخ.. وكل الأسلحة الثقيلة.. بعد أن كانت سوريا تعيش سنوات طويلة من الأمن والأمان والاطمئنان! فقتل بشار وجنوده وشبيحته وبمساعدة من روسيا وإيران عشرات الآلاف من الناس.. وسجنوا وهجّروا مئات الألوف.. وهدموا المساجد والبيوت والمدارس والجامعات والمتاحف والمصانع وأحرقوا المزارع والحقول وأبادوا الحيوانات ودمّروا كل شيء في سوريا.. الإنسان والنبات والحيوان والجماد!! والعراق يعيش منذ 2003م وضعاً أمنياً هشاً رخواً واقتتالا طائفيا وعرقيا (مؤسفا) بين السنة والشيعة والأكراد وتفجيرات واغتيالات وسيارات مفخخة وفقدان الأمن.. حتى إن العراقيين تعودوا على سماع أصوات التفجيرات وعلى رؤية أنهار من الدماء في كل يوم وكل وقت وأصبح ذلك لديهم شيئاً مألوفاً!! وقس هذا على لبنان ومصر وليبيا واليمن وتونس.. ولكن بدرجات مختلفة.. وإن كانوا يشتركون في شيء واحد وهو انفلات الأمن.. ونحن في المملكة وكشعب سعودي لدينا مطالب مهمة ومشاكل كثيرة . فلدينا مطلب السكن وهو أعقد القضايا.. أي أن يكون لكل مواطن سكن خاص به.. ومطلب حل مشكلة البطالة ومطلب تخفيض الأسعار ومطلب تحسين مستوى الخدمات الصحية ومطلب القضاء على الأخطاء الطبية.. ومطالب أخرى كثيرة.. لكننا.. عندما نرى ما يجري في هذه البلدان من اضطرابات أمنية هائلة ومخيفة نجد أن مشاكلنا ومطالبنا رغم أنها (مهمة) لدينا إلا أنها تعتير بسيطة بل هي مطالب تافهة ولا قيمة لها إذا قورنت بأهم مطلب لأي شعب وأي بلد وهو مطلب(الأمن).. وهو المطلب رقم (1) الذي تسعى إليه كل دول العالم.. ولذلك فأغلب الدول تصرف على جهاز الأمن ميزانيات كبيرة – أكثر من أي جهاز آخر- وتخصص له آلاف الجنود وأجهزة حديثة وشبكات مراقبة دقيقة ومركبات متطورة.. ونحن – ولله الحمد - نخرج من بيوتنا ونركب سياراتنا ونذهب إلى وظائفنا ونحن آمنون.. وأبناؤنا يذهبون إلى المدارس والجامعات وهم آمنون ويعودون وهم آمنون.. ونذهب إلى أي مكان نريده ونحن آمنون ذهاباً وإياباً.. بينما غيرنا في الدول التي فيها الأمن (منفلت) لا يستطيع أحد أن يخرج من بيته لأجل أن يشتري رغيفا من الخبز أو أن يحضر دواء لابنه المريض أو أن يفعل أي شيء.. كأنه في إقامة جبرية أو في سجن انفرادي فربما يقتله أحد المجرمين في الطريق بسكين أو برصاصة من مسدس أو بقنبلة يدوية أو بعبوة ناسفة! فالحمد لله – أولاً وأخيراً - على نعمة الأمن والتي لا تقدر بكل كنوز الكرة الأرضية!!