جاء الأمر السامي الكريم بتحويل الحرس الوطني إلى وزارة وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله عبدالعزيز وزيراً لها متوافقاً مع المنطق ومستجيباً لطبيعة الدور الذي يمارسه هذا الصرح العملاق، فالحرس الوطني عندما ننظر إليه كياناً فإنه يتجلى بتاريخه العريق الذي يعانق تاريخ الوطن، وبدوره المبكر في مراحل التأسيس والتوحيد والبناء، حيث احتضن رجال المؤسس الأقوياء الأوفياء الذين شكلوا نواته الأولى، ومن تلاهم من إجيال تتواصل وتتعاهد على حفظ أمن الوطن وحماية وحدته ومكتسباته ومنجزاته. ومن هذه البدايات الأصيلة كان الحرس الوطني على موعد مع التطور المتنامي والإنجاز الشامل عندما تسلم زمام قيادته رجل القيادة الفذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أحدث نقلة نوعية في تشكيلاته ووحداته وكتائبه ووفر أحدث العتاد وأفضل عناصر التدريب والتطوير والتحديث عبر المدارس العسكرية والتعليم الأكاديمي العسكري والدورات العسكرية وبرامج الإبتعاث، كما اعتنى يحفظه الله بالجوانب الحضارية مستهدفاً النهوض بالفكر وبناء الإنسان، وتحقق ذلك من خلال مدن الإسكان العصرية المتكاملة بمرافقها الحضارية من مدارس ومراكز صحية واجتماعية وترفيهية مع بناء المدن الصحية ومراكز العلاج المختلفة لمنسوبي الحرس الوطني وذويهم، في أماكن تواجدهم بمناطق المملكة مع شمول ذلك لمن يحتاج إلى الخدمة الصحية المتقدمة من المواطنين والمقيمين. وقد تحولت إنجازات الحرس الوطني في هذه المجالات الحضارية إلى صروح عالمية متميزة، ففي المجال الطبي أصبحت انجازات الحرس الوطني ذات سمعة مشرفة يتردد صداها في اصقاع العالم، وفي مجال الثقافة والتعليم نال الحرس الوطني أفضل الجوائز من مؤسسات ومنظمات عالمية تقديراً لجهوده ونجاحاته. ولم تقف عطاءات باني الحرس الوطني وصانع إنجازاته الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أدامه الله - عند هذا الحد، بل جعل من جاهزية الحرس الوطني وحيويته المتجددة استثماراً حضارياً لصالح ثقافة الوطن وتراثه، حيث بادر إلى تأسيس ورعاية المهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي أصبح نافذة يطل منها على تراث المملكة الأصيل وحاضرها المزدهر ومنارة ثقافية تشع من جنباتها أنوار الفكر نحو الآفاق العالمية، محققة التواصل والتلاقح بين الأفكار والثقافات والتجارب المختلفة. هذا فضلاً عن المناخ الإنساني والثقافة الاجتماعية التي أوجدها - يحفظه الله - في أروقة الحرس الوطني عبر سياسة الباب المفتوح والتواصل من المواطنين والإلتقاء بهم والاستماع إليهم وقضاء حاجياتهم ومتطلباتهم. ومن حسن طالع الحرس الوطني أن راية قيادته انتقلت إلى قائد فذ آخر يحمل نفس صفات النبل والكرم والعطاء ويشكل الامتداد الطبيعي لشخصية عبدالله بن عبدالعزيز، ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي عاش حياته بين جنبات الحرس الوطني، طالباً ثم ضابطاً في أحد كتائبه ثم تدرج في مراتب المسؤولية بخبراته الواسعة وفكره العميق. وللحقيقة فإنني عندما أتحدث عن الأمير متعب - حفظه الله - فإنني أتحدث من واقع معرفة واسعة وزمالة طويلة جمعتني بسموه في أروقة العمل بكلية الملك خالد العسكرية، ثم في رئاسة الحرس الوطني، حيث وجدت نفسي أمام رجل نبيل وقيادي حكيم من الطراز النادر، فهو لم يكن صاحب باب مفتوح وحسب، بل صاحب قلب مفتوح، وعقل منفتح على كل الأفكار البناءة والآراء المفيدة التي تصب في الصالح العام. كما أنه قريب من الناس سواء منسوبي الحرس الوطني أو إخوانه المواطنين يتلمس احتياجاتهم ويوجه بقضائها كما أنه - وفقه الله - صاحب فكر إداري محنك من خلال دعمه العمل الوطني الذي يحقق أهداف العمل في أسرع وقت وبأفضل أسلوب وعلى أكمل وجه. وفي مجال الحياة العامة فإن ملامح النشأة العسكرية التي شكلت شخصيته تختفي تماماً أمام المواقف الإنسانية والاجتماعية، وتتجلى أخلاقه النبيلة ومواقفه الإنسانية في حرصه الشديد على مساعدة أصحابها، وقضاء حوائجهم، وكانت توجيهاته دائماً تقضي بتسهيل أمور المراجعين، وانجاز معاملاتهم وتحقيق رضاهم. وإنني على يقين أن الحرس الوطني باسمه الجديد المستحق، وعلى يد وزيره وابنه البار قادم إلى مستقبل مشرق وحافل بمزيد من الإنجاز والعطاء والإبداع بإذن الله في ظل ما يسود في أجوائه من فكر راقٍ وحماسٍ متقدٍ وبعد نظر. فشكراً لقائد الوطن خادم الحرمين الشريفين على تتويج الحرس الوطني بما يليق به من اسم وعلى تسليم قيادته لمن هو جدير بهذه المكانة. أسأل الله تعالى أن يوفق وزيرنا المحبوب نحو مزيد من التقدم والنجاح ضمن نهضة الوطن المباركة، وفي ظل قيادتنا الحكيمة أدامها الله. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. * مدير عام الشؤون المالية والإدارية بوزارة الحرس الوطني