نقدر كثيراً جهد واهتمام وزارة التعليم العالي بالمشاركة في أغلب معارض الكتاب ليس في الوطن العربي فحسب بل في العالم أجمع من خلال جناح موحد يضم عدداً من المؤسسات الثقافية، مثل الجامعات ومكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبد العزيز العامة ودارة الملك عبد العزيز ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف إضافة إلى وزارة الثقافة والإعلام وغيرها من المؤسسات،بالطبع مشاركات تلك المؤسسات متفاوتة، تبعاً لنشاط المؤسسة أو لأهمية المعرض. السفارات والملحقيات الثقافية تهتم بمشاركة المملكة في معارض الكتب، فغالباً يحضر السفير افتتاح المعرض ويزور جناح المكتبة، والملحق الثقافي يحرص على تهيئة الجناح ليكون بصورة جيدة، وهذا لمسناه بالذات في المعارض التي تقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى هنا الأمر جيد، ولكن هل يكفي جناح بمساحة صغيرة أن يعطي صورة لحركة النشر والثقافة في المملكة، هل الكتب التي توضع للعرض فقط تساعد على إيصال الثقافة وتقديم المعلومة لزوار المعرض، أعتقد أن هنالك مؤسسات ثقافية لديها كم هائل من الإصدارات وبالذات في مجال النشر العلمي تستحق أن يكون لها جناح منفرد، لأن تعدد المؤسسات وقلة المساحة تؤثر كثيراً في مشاركة تلك المؤسسات، فتصبح المشاركة مجرد أداء واجب، وتسجيل حضور، الأمر الذي جعل كثيرا من المؤسسات تكتفي بعرض نتاجها المطبوع دون المشاركة الفعلية بمشاركين من تلك المؤسسة، فحين يسأل أحد زوار المعرض عن أمر ما يكون الرد اجتهادياً أو اعتذارا لعدم وجود من يمثل تلك المؤسسة، وربما تحرج الملحقية لعدم وجود أولئك المندوبين وتضع بعض الموظفين في الجناح وربما أغلبهم من جنسيات غير سعودية، وهذا قد يحصل في معارض الكتب التي تقام في أوروبا. أقف عند أمر أهم من ذلك، وفي البدء أذكر أن أحد الأصدقاء طلب مني أعمالي المسرحية الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام، فقلت له ستجدها في جناح وزارة الثقافة، وكنت سألتقي به في معرض الكويت الدولي للكتاب، للأسف فوجئت بأن جناح وزارة الثقافة يخلو من إصداراتها،حيث يوجد به كتب تم شراؤها من بعض المؤلفين السعوديين، وللأسف كان الجناح تعيساً جداً، وقد سألت أغلب الأصدقاء الذين شاركوا في معارض الكتب عن جناح وزارة الثقافة والإعلام، جميعهم أجمعوا بأن المشاركة مجرد حضور فقط بإصدارات لاعلاقة للوزارة بها. أتذكر في الثمانينيات وعندما كانت العراق تشارك في معارض الكتب وبالذات المعارض التي أشرفت عليها جامعة الملك سعود، كانت وجهتنا الأولى إلى جناح وزارة الثقافة العراقية، اقتنينا وقتها مجموعة من الكتب الجيدة شكلاً وموضوعاً والتي قدمت لنا عدداً من المبدعين وكانت أسعارها زهيدة، وكثير من وزارات الثقافة في دول العالم يكون لها جناح مستقل ومطبوعات متميزة، وقد سمعنا قبل افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب عن إصدار وزارة الثقافة والإعلام الشؤون الثقافية ما يقارب العشرين سلسلة للكتب، أعرف أن هنالك سلسلة نصوص مسرحية التي شاركت بها، ولكن هل هذه الإصدارات فقط لنشرها وتوزيعها في معرض الرياض الدولي للكتاب، أنا لم أطلع على أغلب تلك السلاسل، ليس أنا فقط بل قائمة كبيرة من الأصدقاء لا يعرفون أن وزارة الثقافة والإعلام تنشر كتباً، هل السبيل للحصول على تلك الإصدارات زيارة الوزارة وتقديم معروض،عموماً نعود للأمر الأهم وهو الحضور الخارجي للثقافة السعودية، أجنحة المملكة في معارض الكتب، قد تعطي صورا إعلامية جيدة عن المملكة من خلال بعض الصور التي يتم توزيعها على الزوار، إضافة إلى حرص أكثر الزوار على اقتناء نسخ من القرآن الكريم، وقنينة ماء زمزم، ولكن هل سيتعرف زائر الجناح على الحركة الإبداعية في المملكة، من المفترض أن يأتي الزائر في جناح المملكة ليحصل على نسخ من الروايات التي حصلت مثلا على جائزة البوكر، أو دراسات حول الأدب السعودي، أو أعمال شعرية وقصصية، نحن لا نطالب وزارة التعليم العالي بذلك ولكن المسؤولية على وزارة الثقافة والإعلام، يجب أن يكون للثقافة في المملكة حضور في الخارج ليس بمشاركة متواضعة للشعر من خلال أمسية شعرية قد لا يحضرها إلا العاملون بالجناح، بل بوجود الكتاب السعودي بسعر تشجيعي، ولدينا من الإصدارات ما يستحق أن يكون له جناح كبير. رجاء لتكن واجهتنا الثقافية في الخارج جميلة، لنحسن الصورة عن المملكة العربية السعودية، هذا بلدنا وهو غال علينا.