لابد أن معظمكم يعلم بالطبع أن الاهتمام بالمملكة المتحدة هذا الأسبوع كان منصباً على جريمة القتل المأساوية التي راح ضحيتها الجندي البريطاني درمر لي ريجبي في هجوم مقزز في ولويتش. وبينما تستمر التحقيقات في المملكة المتحدة أجد من الضروري أن أذكر أمورا كثيرة عن هذا الوضع، ولكن ما هو واضح للعيان أن المملكة المتحدة، على غرار المملكة العربية السعودية، تتخذ موقفا حازما في رفضها للتطرف والإرهاب وأن هذا الهجوم ليس هجوما على أسلوب الحياة البريطانية فقط، ولكن أيضا على الإسلام والجاليات الإسلامية التي هي جزء لا يتجزأ من المملكة المتحدة. لا يقتصر الإرهاب والتطرف على المملكة المتحدة أو على أي عرق أو دين أو مكان. وقد رأينا أدلة على ذلك مؤخرا، سواء من خلال تفجير السيارات المفخخة في العراق أو الهجمات في لبنان. إن الأعمال الإرهابية تثير مخاوف عميقة لدينا، كما أن سلامة عائلاتنا وأحبائنا ومعتقداتنا الأساسية كمواطنين لا ينبغي أن تكون هدفا لأعمال العنف الطائش. ولعل الأثر الكبير الذي يخلفه الإرهاب في النفوس هو ذلك الشعور بالعجز؛ بمعنى أننا لا نستطيع التحكم بحياتنا وأننا عاجزون أمام عنف لا معنى له وأن ليس هناك أحد في مأمن. وحتى في مثل هذه الأوقات المشوبة بالخوف، فانه يتعين علينا أن نواجه الأمر ونجهر برأينا علانية. إن من أفضل الطرق لهزيمة الإرهاب هو أن لا نستسلم وأن نمارس حياتنا العادية بشكل طبيعي وأن يضطلع كل فرد منا بدوره في مواجهة التطرف والتعصب. ولعل كثيرا منا يتذكر الأوقات العصيبة التي مرت بها المملكة العربية السعودية في التصدي للتطرف والعنف. لكن وبفضل قدرتها على التحمل وموقفها الصلب الذي اتخذته حيال ذلك تمكنت من التغلب على التهديد وقهره. وهذا ما ستفعله المملكة المتحدة. ويسرني أن معظمكم قد اطلع على بيان رئيس الوزراء البريطاني الذي نشر في الصحافة المحلية. إذ أن فخامته وصف هذه الجريمة النكراء بأنها"خيانة للإسلام والمسلمين". إن التطرف، بغض النظر عن مصدره، يعود بضرر على أتباع دين الشخص الإرهابي وضحايا الإرهاب على حد سواء. وأستند هنا إلى أحد الأحاديث النبوية الشريفة عن امرأة دخلت الجنة لأنها سقت كلباً يلهث من العطش. وكذلك قيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالموافقة على 'صلح الحديبية' مع قريش لأنه اعتقد أنه سيفتح بابا للسلام ودخول الكثيرين في الإسلام. إني موقن بأن الإسلام ليس دين عنف، كما أن العنف ليس وسيلة لتحقيق العدالة. وعلى الرغم من بشاعة هذه الجريمة، إلا أني واثق بأن المواطن البريطاني عموما لا يحمل الإسلام مسؤولية ذلك، كما أنه لا يعتقد بأن على المجتمع الإسلامي برمته أن يدفع ثمن جرائم فردية. بالرغم من أنني لا أدين بالإسلام ولا أزعم بأنني خبير في الأديان، إلا أنني متأكد بعدم وجود أي مبرر على الإطلاق لقتل الأبرياء في أي مكان ومن أي ديانة أو عقيدة أو حضارة. أبعث بأحر التعازي لعائلة "لي رجبي" وأشاطرهم ألمهم في هذا الوقت العصيب. *السفير البريطاني لدى المملكة