ويأتي الصيف بلفحه وهجيره.. يأتي في وقته فنقول له: "جيت في وقتك يا حبيبي.. جيت وانا بسأل عليك".! وقد نتفق أو نختلف - انا وانتم - في مسألة ما نحب وما لا نحب، لكننا لا نملك إلا أن نتكيّف مع الطبيعة وتغيرها وتقلّبها، وما تأتي به مما اعتدنا عليه، أبيض أسود.. حار بارد.. حامض حلو.! الناس يستبطئون (الخريف)، ليس خريف العمر بل خريف حصاد النخل. يقولون تأخّر (الخريف)، فهم يعرفون أن لا (بلح) ولا (رُطب) إلا في الحر.. تتعلّق قلوبهم بأمهم النخلة.. تحلّق عيونهم فوق، تغازل البلح والرّطب: "فوق النخل فوق يبه فوق النخل فوق.. مدري لمع خده يبه مدري القمر فوق.. والله ماريده.. باليني بلوة.. وهل عرف الإنسان بلاءً كالقلق ؟! إنه عدو الإنسان الأول وبوابة كل متاعب الروح والجسد.. وإليك قسوة الانتظار بأمل، الذي نرصد من أجله تعاقب الليل والنهار.. والشمس والقمر.. تظل العيون (تناظر الساعة).. أما الانتظار بلا أمل فيتجاوز فيه مؤشر الخطر كل ألوان الطيف و(الصيف) إلى اللون الأحمر.! أما سمعتم بالمثل الأخطر المتطرف الذي يقول : (يا ذهب أحمر.. يا موت أحمر).! وتجيء الشكوى ويجيء العتاب يا صاحبي على قدر المحبّة : " تسألني علتي منين يبه وانت سببها.. كتبة عليه هاي، يبه، ربك كتبها.. والله ماريده .. باليني بلوة ".!