من المؤكد أن القرار الأخير لهيئة السوق المالية بتحديد نسبة التذبذب باليوم الأول للشركات المدرجة بالسوق ب(10%) بدلًا من النسبة المفتوحة صدر كردة فعل سريعة لإيقاف ظاهرة بدأت في الانتشار في أول يوم لتداول الأسهم المطروحة للاكتتاب وتورط فيها البعض وخصوصًا من اعتاد الشراء بسعر السوق ودعم ذلك تعليق الأوامر والأهم استفادة الصناديق المكتتبة من تلك الظاهرة! وقد صدر القرار بدون النظر لآثاره السلبية على المكتتبين وهم شريحة كبيرة من المجتمع معظمهم دخولهم ضعيفة ولديهم أسر كبيرة مع أن الواقع يشير بوضوح إلى أن اسم المواطن المكتتب هو الوسيلة الوحيدة حالياً لطرح الشركات بالسوق سواء الجديدة أو القائمة ذات علاوات الإصدار العالية، وان نجاح الاكتتاب يقاس بعدد المواطنين المكتتبين الذين يقبضون ثمن ذلك بأرباح قليلة جدا لاتقاس بالأرباح التي حققها ملاك الشركة بإدراجها بالسوق، ولذلك فإن عدم بيع المكتتب لأسهمه بربح سيفشل الاكتتابات القادمة خاصة ان المكتتبين في شركات صغيرة وكبيرة خسروا أموالهم إما بسبب سوء إدارة الشركة أو فساد ملاكها بتلاعبهم بأرباح وهمية قبل الطرح لتبرير العلاوات وهو ما انكشف سريعاً بعد بيعها للمواطنين بخسارة أكثر من رأس المال خلال أشهر! ولا يمكن في سوقنا أن نبرر تحديد نسبة التذبذب بأنها للتشجيع على الاستثمار لكون المخصص للمكتتب غالبا سهمين أو ثلاثة أسهم والأهم هو عدم توفر الثقة في أداء وربحية الشركات وفاعلية الجهات الرقابية وعدالة المعالجة لمشاكلها، ولنا تجارب مع شركات أفلست مثل المتكاملة والمعجل وشركات خسر المكتتبين فيها مثل زين ودار الأركان واعمار وغيرها الكثير! ولذلك فان الأمر يتطلب عند تحديد نسبة التذبذب مراعاة استفادة المكتتب من استغلال اسمه الذي مكن الشركة من الطرح وبدون حاجة ملاكها لطرق أخرى لتمرير الاكتتاب عبر أسماء مؤسسات وصناديق قد تكون بأموال الملاك أنفسهم! وأيضاً يجب مراعاة استقرار السوق ككل وعدم تأثر أسهم شركات القطاع الذي ستطرح فيه الشركات الجديدة وبأسعار قليلة بسبب تحديد النسبة لعدم احتراق أموال المساهمين بها! ويظهر انه مع تحديد نسبة التذبذب الجديدة سنرى حالة غموض مع أول أيام تداول الشركة الجديدة التي ستطرح ب(10) ريالات لكون الربح للسهم وفق النسبة العليا الجديدة سيكون (1) ريال فقط ومع التخصيص القليل سيخسر الأفراد بسبب عمولة البيع ولن يشجع الأسر على الاكتتاب لكون الربح بالريالات! وينطبق ذلك على الشركات العائلية التي تطرح جزءاً من أسهمها للاكتتاب بعلاوات وهو ماسيؤدي الى عزوف كلي عن البيع أول الأيام واضطرار الصناديق المكتتبة او الملاك لبيع (1500) سهم أول يوم والأيام التالية لاعتماد سعر السهم بالتداول اليومي بقيمة صفقات لاتقل عن (15) ألف ريال. أي سنشجع على بيع شكلي لرفع السعر وتجاوز المشكلة بنسب متواصلة لعدة أيام قد يتخللها خداع من المضاربين! ومن هنا قد يكون من المناسب أن يعاد النظر في تداول أسهم الاكتتابات بإلغاء عمولة البيع للمكتتب التي ستُعالج ضمن مصاريف الاكتتاب، ومنع الصناديق المكتتبة وفق "بناء الأوامر" من البيع أول شهر كحد أدنى وتحديد نسبة التذبذب لليوم الأول ب(10%) من سعر الافتتاح أو (50%) ارتفاعاً من سعر الاكتتاب للشركات المطروحة ب(10) ريالات و(10%) انخفاضاً، وان تكون بنسبة (50%) للشركات المطروحة بعلاوة إصدار لكونها شركات قائمة ومحدودية عدد الأسهم المخصصة للمكتتب والمستفيد المباشر من رفع قيمة السعر هي الصناديق المكتتبة ب(50%) من الأسهم المطروحة للاكتتاب لبيعها لاحقاً بأسعار عاليه وكما نرى حاليا بالشركات التي طرحت بعلاوات ودخلت نادي المائة ريال! أي نمكن المواطن المكتتب من المشاركة ولو بنسبة قليلة من كعكعة الطرح وبيع شركات صغيرة علينا بالمليارات مع أن هناك استغفالاً مستمراً للمكتتبين والجهات الرقابية بقوائم غير دقيقة للتخلص من شركات خاسرة والمؤسف أن التلاعب بالشركات المطروحة يقتصر الضرر فيها على المكتتب والمتداول ومنها صناديق كبرى شبة حكومية.