لاتساع جغرافية المملكة الشاسعة وتباين المناخ والتضاريس واختلاف منتجاتها ومواردها دور في ظهور وتنوع صناعات محلية وحرف يدوية مما جعل لكل منطقة اختصاصا في صناعات تقليدية وحرف يدوية معينة خاصة بها وكان لهذه الصناعات وتلك الحرف أهميتها التنموية في دورة الاقتصاد المحلي لكل منطقة ذلك فيما مضى، ولكن إزاء وسائل التقدم الصناعي العالمي الهائل وبروز دور النفط في الاقتصاد الوطني في رفع الدخل نتيجة للتنمية الشاملة وسهولة حركة البضائع العالمية من خلال الاستيراد أدى بهذه الصناعات وتلك الحرف إلى التدهور وعزوف كثير من أربابها إلى التخلي عنها الأمر الذي أدى إلى انقراض الكثير منها وما بقي منها في طريقه للانقراض، ولولا توفيق الله تعالى للجهود الخيّرة المشكورة للقائمين على المعارض والمهرجانات المحلية وفي مقدمتها مهرجان الجنادرية، لاختفت تلك الصناعات والحرف اليدوية جميعها، وحصلت القطيعة بين جيل الأحفاد وجيل الأجداد، ولغاب عنا جزء من تراثنا الحرفي والمهني وانطمس من أمام ناظرينا وسائل وطرق تصنيع وإنتاج تلك الصناعات والحرف والتي لا يعرف عنها جيل اليوم سوى النزر اليسير من خلال بعض الصور والمقتنيات وحكايات تروى هنا أو تقال هناك. على أن الإرث الثقافي والتاريخي لتلك الصناعات والحرف بالرغم من أهميته ليس الدافع الوحيد للحفاظ عليها بل تنميتها والارتقاء بها على أن الأهمية الاقتصادية لها في وقتنا الحاضر هو دافع آخر مهم إذا ما أخذنا صناعة السياحة ودورها المستقبلي في الحسبان وافتخار الدول بصناعاتها التقليدية، وهذا يقودنا إلى سؤال محوري: وهو لماذا لا يكون لدينا خطة استراتيجية لإحياء تلك الصناعات والحرف اليدوية ووضعها في مدار الإنتاجية والمنافسة؟ ولعل الخطوة الأولى في الخطة تكون في إدخال تدريس هذه الصناعات والحرف اليدوية في مناهج المعاهد المهنية بحيث يدرس في كل معهد الحرف اليدوية التي تمتاز بها منطقة وجوده وفي هذا تحقيق مكاسب جمة منها: ٭ إيجاد فرص عمل للشباب بعد التخرج يحقق التكامل بين المناطق. ٭ توجيه خريجي المعاهد للانخراط في مجال الصناعة اليدوية. ٭ فتح مجال الاستثمار لهؤلاء الشباب خصوصاً أنها تحتاج إلى رأس مال ضئيل لإقامتها. ٭ المحافظة على استمرارية وتطوير تلك الصناعات والحرف كونها جزءا من تراثنا وتاريخنا وخصوصيتنا. ٭ الحد من تسرب الخريجين إلى أعمال مكتبية ليست ذات مردود اقتصادي ذي بال. ٭ دعم للاقتصاد المحلي والوطني.