نحتاج إلى تقليل المداخل والمخارج ونقل مكاتب العمد إلى الأحياء والحد من الأراضي البيضاء وتفعيل دور المنزل والجيران والمسجد والمدرسة ترسخت قناعة مجتمعية أن الجهد الرسمي لأمن الحي غير كافٍ من دون تعاون الساكنين في التوعية، والتبليغ، والتنظيم، والتطوع، إلى جانب تلبية الجهات الحكومية لاحتياجات الحي، وتحديداً خدمات البُنى التحتية، وفي مقدمتها المدارس، والمستوصفات، والمساجد، ومراكز التعلم، والترفيه، إلى جانب تكثيف الدوريات الأمنية، خاصة أمام التجمعات البشرية داخل الحي، وأوقات الذروة. ونظراً لاتساع المدن وزيادة الكثافة السكانية في الأحياء، ووجود الكثير من التجاوزات الأمنية؛ أصبح من الضروري تقليل المداخل والمخارج، ونقل مكاتب العمد إلى الأحياء، والحد من الأراضي البيضاء، وتفعيل دور المنزل والجيران والمسجد والمدرسة، إلى جانب استكمال الجهد الأمني من خلال الاعتماد على التقنية الإلكترونية، مثل تركيب كاميرات المراقبة في الشوارع ترتبط بغرف مراقبة رئيسة لدى الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تركيب كاميرات المراقبة المنزلية المرتبطة بالكمبيوتر الشخصي لصاحب المنزل. "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع وسائل تحقيق أمن الحي، والمعوقات التي تقف أحياناً أمام هذه الغاية، وأهم المبادرات المطلوبة للوصول إلى أمن تتكاتف فيه الجهود الحكومية والمجتمعية معاً. أهمية التخطيط في البداية ذكر "اليحيا" أنّ توفير وتحقيق أمن الأحياء يبدأ من خلال الأخذ بالتخطيط العمراني السليم، الذي يراعي كافة الاحتياجات والمحاذير للوصول إلى تكريس مفهوم الأمن الشامل للحي، مبيّناً أنّ من أبجديات مفهوم الحي أن يكون لساكنيه فقط، ويستقبل الزوار المعروف وجهتهم، وغير هؤلاء يعتبرون متطفلين يجب الحذر منهم، موضحاً أنّه لا يمكن ضبط الحي إلاّ من خلال تقليل المداخل والمخارج، ممثلاً بما كان في مشروعات الإسكان التي نُفذت لبعض قطاعات الدولة، أو مشروعات السكن النظامية العامة تحظى بهذه الميزة؛ مما منحها الانضباطية وفرصة تحقيق الأمن الشامل بشكل يفوق الأحياء التقليدية أو العشوائية، التي تكون مداخلها وشوارعها على شكل تقاطعات أو طرق مؤدية إلى طرق أخرى. مسؤولية جماعية وقال "اليحيا": "يجب أن نتجاوز جميعاً المفهوم المحدود بأنّ أمن الحي مناط بالدوريات أو الجهات الأمنية فقط، وإن كان هذا الأمر من صميم عملهم، لكن يجب أن يرتكز أمن الحي على مفهوم اجتماعي شامل، تساهم فيه المدرسة، والمسجد، ومؤسسات المجتمع المدني، والمراكز الاجتماعية كلها، يجب أن تسهم في تحقيق أمن الحي"، معتبراً أنّ وجود الأراضي البيضاء داخل المدن على حالها لا يسهم في توفير الأمن للأحياء السكنية، حيث إنّها تمثل مكاناً مناسباً لتجمع سيارات وأشخاص من غير أهل الحي، وقد تستخدم كمكان لتسويق الممنوعات، مطالباً بإيجاد أنظمة تسرّع من تداول هذه الأراضي، وعدم بقائها على وضعها كأرض فضاء، وبذلك يمكن التخلص من الأراضي البيضاء داخل المدن الكبيرة بالذات. الفوزان: التساهل في معاقبة المخالفين والتشهير بهم يزيد من الجريمة مراكز إدارية وتداخل "العنزي" مقترحاً وجود مراكز إدارية أمنية داخل الأحياء، تُعنى بأمن الحي وتكون بمثابة مراكز شرطة مجتمعية صغيرة، مكونة من ضابط وعدد قليل من الأفراد مع العمدة، ويكون هناك استقطاب للمتطوعين من داخل الحي للمساهمة في الدور الأمني، مشيراً إلى أنّ تعاون سكان الحي وتقديم البلاغات عن أي ملاحظات أمنية لتلك المراكز داخل الأحياء سوف يسهمان في سرعة التعامل مع تلك البلاغات ومعالجتها، عوضاً عن انتظار دورية من حي أو موقع آخر لكي تصل؛ مما قد يجعل السارق أو المجرم يفلت من الموقع قبل وصول تلك الدورية. المشاركون في الندوة أكّدوا أهمية تفعيل العمل التطوعي داخل الأحياء «عدسة- بدر الفريدي» مكتب العمدة وأضاف "العنزي": "من المؤكد أنّ مؤسسات المجتمع المدني داخل الحي والمتمثلة بالمسجد، والمدرسة، ولجان التنمية الاجتماعية، يجب أن ترتبط فيما بينها من الناحية الأمنية مع عمدة الحي ومركز الشرطة -إذا كان يتوفر أحدها داخل الحي-"، مشيراً إلى أنّ الفقرة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام عمد الأحياء نصت على أن يتم تأمين مكتب للعمدة يتوسط الحي، معتبراً أنّ عمل العمدة داخل الحي أفضل بكثير من العمل من داخل مراكز الشرطة؛ لأنّ العمدة من خلال عمله داخل الحي يعيش مع الناس، ويتواصل معهم، ويلتقي بهم، ويستمع لملاحظاتهم وشكاويهم، ويحصل منهم على المعلومات، متمنياً أن يطبق هذا النظام وتخصص مكاتب للعمد داخل الأحياء. تطبيق العقوبة وشدد "العنزي" على أهمية اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المجرمين في أسرع وقت وردعهم، من خلال تعجيل إنهاء إجراءات هيئة التحقيق والادعاء العام، معتبراً أنّها بطيئة وغير مواكبة لتسارع الأحداث، وذلك حتى يشعر الجميع أنّ هناك حزماً وعقاباً رادعاً بشكل فوري للمخطئ؛ مما سيمنح أمن الحي والأمن المجتمعي بكل صوره مزيداً من الهيبة، ويزيد من خوف مرتكبي الجرائم. تواجد دوريات الأمن أمام المدارس وقت الخروج يحد من السلوكيات الخاطئة تفاوت وتساهل وعلّق "الفوزان" على ما ذكره "العنزي" مبيّناً أنّ التساهل في إنهاء الإجراءات من ضمن الأشياء التي تساهم في زيادة الجريمة، مضيفاً: "لو أنّ شخصاً فحّط قرب مدرسة داخل الحي، فلن يكون عقابه أكثر من الغرامات المرورية"، متسائلاً: "هل يكفي هذا على شخص هدد حياة الناس بتصرفه؟، ويقابل ذلك لو أنّ شخصاً أشهر سلاحه أمام مدرسة، أليس في هذا أيضاً تهديد لحياة الناس؟، فيجب أن يُنظر إلى الحالتين على أنّها جريمة صريحة بتهديد حياة الناس وتعريضهم للخطر، ولا يصح أن يتم التعامل مع الأولى كمخالفة مرورية، والثانية جريمة إشهار سلاح؛ لأنّ النتيجة والضرر في الحالتين واحد، من خلال تعريض حياة الآخرين للخطر". مؤسسات مجتمعية ورأى "د.الرميح" أنّ الأمن بشكل عام محوره ثلاث جهات رئيسة: "المواطن"، "مؤسسة مجتمع"، "أنظمة وتشريعات الدولة"، ويجب على هذه الجهات الثلاث أن تؤدي أدوارها، وإذا اختل أحدها فقد يختل الأمن، مبيّناً أنّ المواطن مسؤول عن نفسه أولاً وأخيراً، لكنّه يجب أن يلعب على عدة محاور، أمّا مؤسسات المجتمع -المسجد، والمدرسة، ولجان التنمية الاجتماعية- فهي مكونة في الأصل من مجموعة من المواطنين. وأضاف: "للأسف الشديد هناك ضعف لدى مؤسسات المجتمع في تعزيز فكرة الأمن المجتمعي ومنطلقه الحي، فالمدرسة فقدت دورها التوعوي، والتربوي، والأمني، حيث أصبحت فقط للتعليم، على الرغم من أهمية نشر ثقافة الأمن بين الطلاب، من خلال تناول مفهوم الأمن والحماية الأمنية في الطابور الصباحي، والإذاعة المدرسية، وكذلك المساجد اقتصر دورها على تأدية الصلاة ولا غيره، والأندية أصبحت ساحات للعب وكفى، وكذلك الجيران فقدوا الترابط بينهم، رغم أهمية العلاقة وتوطيدها لصالح أمن الحي". تواجد العمالة السائبة داخل الأحياء يثير مخاوف الأهالي دور المدرسة وعلّق "اليحيا" على ما ذكره "د.الرميح" مؤكّداً على أنّ أمن المدرسة يُمثل جزءًا مهماً من أمن الحي، مضيفاً: "هنا أود أن أربط أدوار المرشدين والمشرفين في المدارس بلوائح وأنظمة تصدرها وزارة التربية والتعليم، من أجل أن يكون لهم دور واضح من خلال وظيفتهم، وهو أن يرتبط مفهوم المشرف الاجتماعي أو المرشد بالمدرسة بمفهوم أمن الحي الشامل". د. الرميح: نعاني فجوة بين المواطن والمجتمع وتطبيق النظام أمن وقائي وطالب "اليحيا" بأن يكون للمدرسة أدوار أخرى تخدم أبناء الحي، من خلال البرامج الترفيهية والرياضية بعد نهاية اليوم الدراسي، مضيفاً: "من الملاحظ أننا بدأنا نعزل بين مفهوم النشاط الرياضي والاجتماعي بالمدرسة ومفهوم أمن الحي، والمدرسة حالياً تغلق أبوابها عند الساعة الثانية ظهراً حتى صباح الغد في يوم دراسي جديد، وإذا نظرنا إلى مفهوم الأمن الشامل وجدنا أن له ارتباطاً كبيراً بأمن الحي، ومن هنا يجب أن نربط مفهوم أمن الحي بالأمن الوقائي، ومن ذلك إحداث الوسائل والسبل التي يمكن من خلالها منع الجريمة قبل وقوعها، ومن ذلك توجيه الشباب إلى أنشطة رياضية وترفيهية تسهم في شغل وقت فراغهم، وتبعدهم عن التعرض لما قد يتسبب في أذيتهم أو ما قد يدفعهم لارتكاب المخالفات والجرائم السلوكية والعبثية". إمام مسجد الحي ونوّه "اليحيا" بضرورة ربط إمام ومؤذن مسجد الحي بمفهوم الأمن الوقائي، حيث يتجاوز دورهما إمامة المصلين، بل إنّه الدور مرتبطٌ بمهام وظيفية داخل الحي عبر لائحة موجودة لدى وزارة الشؤون الإسلامية، ومن ذلك ضرورة التنسيق مع العمدة حول بعض جوانب المتعلقة بالحي، وكذلك مع المراكز الاجتماعية في داخل الأحياء، وعلى ضوئها تحدد الخطب والدروس التي يلقيها الإمام أو ينظمها المسجد. التجمعات الشبابية بعد الخروج من المدرسة تعطي صورة سلبية عن الحي "فضفضة" الطلاب وعلّق "الفوزان" على ما ذكره "د.الرميح" و"اليحيا" مشدداً على أهمية المرشد الطلابي لتفعيل دور المدرسة في أمن الحي، مستدركاً: "إلاّ أننا نجد أنّه يمارس دور المراقب، ومنهم من يحمل تخصصات مختلفة مثل الشريعة، ومع تقديرنا لهذا التخصص إلاّ أنّه يجب أن يكون المرشد شخصاً متخصصاً عارفاً بموقعه، وبالتالي فإنّ حامل التخصصات الأخرى لا يستطيع أن يمارس دور ومهام المرشد الطلابي بشكل طبيعي؛ لأنّه لم يحصل على دراسات في الخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع، ولا في المنظومة المعرفية التي يجب أن تتوفر لدى المرشد الطلابي، حتى تمكنه من الدخول في أعماق الطلاب، وفهم سلوكياتهم، وقراءة ما قد يحدث منهم أو عليهم من محاذير أخلاقية، أو سلوكية، من زملائهم، أو حتى معلميهم"، مبيّناً أنّ من مبادئ الخدمة الاجتماعية التقبل، لكنّ وضع بعض المشرفين الذين يحملون العصي داخل المدرسة ويمارسون دور المراقب؛ لا تتيح للطالب تقبلهم بهذه الصورة كمرشدين له، ويصعب عليهم "الفضفضة" بما يعانون من مشاكل أو ضغوطات. العمل التطوعي أفضل خيار لتعزيز الأمن والتواصل ونقل الاحتياجات إلى المسؤولين رقابة إلكترونية وأكّد "د.الرميح" على أنّ وسائل المراقبة الإلكترونية من الأشياء المهمة في أمن الحي، من خلال وجود كاميرات مراقبة على البيوت لحمايتها، وعند تقاطعات الطرق والشوارع، تكون مربوطة بشكل مباشر بغرف سيطرة وتحكم لدى القطاعات الأمنية المعنية، مطالباً نشر ثقافة المساعدات الإلكترونية بجوانبها المختلفة، وعلى الرغم من أنّها قد تنتهك الخصوصية، إلاّ أنّ فوائدها أشمل وأكبر، خاصةً أنّها تكشف أشياء كثيرة ليست فقط جوانب أمنية، لكنها قد تكشف حالة المجتمع، من جانب السلوك والمخالفات المرورية، وبالتالي لابد من التوجه إلى عالم الرقابة الإلكترونية وبقوة؛ للحصول على تغطية أمنية رقابية قد لا يستطيع تحقيقها رجل الأمن بجهده الذاتي، مذكراً بمناسبة الحج والحرم المكي حيث توجد آلاف الكاميرات، وكل واحدة منها توفر جهد عدد من الجنود، بحيث يتم الحصول على صوت وصورة، تجعل غرف ومراكز المراقبة على إطلاع بكل ما يقع من مجريات في كل زاوية وركن من المشاعر وساحات الحرم. استكمال الخدمات داخل الحي يعزز من مستوى أمنه رسائل للطوارئ وتداخل "اليحيا" قائلاً: "بما أنّ هيئة الاتصالات ربطت جميع أرقام الجوالات عبر برقم الهوية الوطنية، فأعتقد أنّه من الأفضل أن تخصص الجهات الأمنية بالتنسيق مع شركات الاتصالات رقماً يرسل له رسائل الكترونية، بحيث تكون متعلقة بأي مشاكل أمنية، أو مشكلات خطف، أو إغاثية، أو التعرض للأذى، وهذا العمل قد يضيف أشياء مهمة لمفهوم أمن الحي والأمن الشامل". اشتراطات رقابية وعلّق "العنزي" على ما ذكره "د.الرميح" و"اليحيا" مشدداً على أهمية الرقابة الإلكترونية، حيث إنّ مدن المملكة في هذا تشهد اتساعاً متزايداً مع نمو في الكثافة السكانية، متمنياً لو أنّ صندوق التنمية العقارية أقرّ من ضمن اشتراطاته بإلزام صاحب أي منشأة سكنية جديدة بتركيب كاميرات مراقبة، خاصةً في مداخل ومخارج المنزل، وهذه الشبكة من الرقابة الإلكترونية تكون مربوطة بجهاز الكمبيوتر الشخصي لصاحب المنزل. وأضاف أنّه بالنظر لتطور وسائل تقنية الرقابة الإلكترونية؛ فإنّ بإمكان الشخص أن يراقب ما يدور في منزله عن بعد، وإن كان في مدينة أخرى، وبالتالي ينبغي استثمار هذه التقنية لصالح أمن المنزل وأمن الممتلكات، مشيراً إلى إمكانية الابتعاد عن تجاوز الخصوصية الشخصية، من خلال تركيب هذا الكاميرات في المداخل، والمخارج، والفناء الخارجي للمنزل؛ لمراقبة الداخلين والخارجين فقط. إشراك العُمد في التنمية وعاد "د.الرميح" ليتداخل موضحاً أنّ التخطيط العمراني فيما يخص المنشآت المجتمعية مثل المسجد، والمدرسة، لم يراع فيها خدمة المجتمع بقدر البحث عن مكاسب أخرى، مثل أن تنشأ مدرسة ابتدائية على أرض رخيصة الثمن، والمفترض -حسب النظام العالمي- أنّ مشي الطفل للمدرسة الابتدائية يجب ألا يزيد عن عشر دقائق، أمّا الآن فإنّ بعض الأطفال يقطعون شوارع رئيسة مليئة بالسيارات بغية الوصول إلى مدارسهم، مطالباً بمراعاة هذه الناحية للحفاظ على سلامة الأطفال، وعدم تعريضهم للمخاطر المرورية. وعلّق "العنزي" على ما ذكر "د.الرميح" مشيراً إلى أنّ عدم التنسيق مع عمد الأحياء في اختيار مواقع المباني الحكومية لا يخدم سكان الحي، خصوصاً التي تنشأ عليها المدارس والمستوصفات، حيث يتم بناؤها في مواقع نائية ومتطرفة، وقد يزيد ذلك من معاناة المستهدفين بدلاً عن خدمتهم، داعياً إلى إشراك عُمد الأحياء في التنمية المحلية التي تستهدف الحي. غياب العمل التطوعي وحول أهمية العمل التطوعي في أمن وسلامة الحي؛ بيّن "الفوزان" أنّ هناك (3-4) متطوعين بين كل خمسة أشخاص في الغرب، وعلى هذا تشكل مفهوم العمل التطوعي لديهم؛ مما يدل على أنّ لديهم وعياً وممارسة لثقافة العمل التطوعي بشكل كبير، بينما في مجتمعنا -للأسف- ربما أنّ المائة شخص لا يوجد فيهم واحد يمارس هذه الثقافة، مع أنّ ديننا يحث على هذا الشيء، ومن المؤسف أنّ العمل التطوعي لا يمارس لدينا بمفهومه الحقيقي الذي نتطلع إليه لخدمة أمن وسلامة الحي. متطوع أمني وتداخل "د.الرميح" موضحاً أنّ من الأشياء المهمة في العمل التطوعي هو نشر فكرة الشرطة المجتمعية، والتي تتكون من أهل الحي أنفسهم، فليس المطلوب في هذه الحال رجال أمن نظاميين ينتمون إلى جهة أمنية، وإنما المطلوب أن يكون هناك أشخاص من شباب الحي يتبرعون بالمساهمة في حماية الحي تطوعاً، إلى جانب نشر الدور الأمني التطوعي لإمام ومؤذن مسجد الحي، وكذلك نشر الدور الأمني التطوعي للمعلمين بالمدرسة، حيث أنّ جميع هذه الأدوار التطوعية يفتقدها مجتمعنا تماماً بعد أن كانت من صفاته وسماته التي يتميز بها. وأضاف أن نظام "العسس" كان موجوداً في السابق، وكان عبارة عن دوريات راجلة لها دور كبير في أمن الأحياء، مقترحاً إعادة النظر في النظام، بحيث يكون هناك شباب -سواءً كان بتكليف رسمي أو تطوعي- لتنظيم دوريات داخل الحي، خاصةً الأحياء التجارية داخل المدن التي تكثر فيها المشاكل أكثر مما هو خارج المدن، بحيث يمنع وجود هذه الدوريات وقوع الجريمة. بلاغ للدوريات الأمنية وعلّق "الفوزان" على ما ذكره "د.الرميح" مشدداً على أنّ الدوريات الأمنية مهمة جداً في أمن الحي، لكنها حالياً ليست كافية، وعددها محدود، بدليل أننا نبلّغ أحياناً عن حالات تفحيط أو عن ما يشبه محاولة الاختطاف، ومع ذلك لا تحضر الدورية إلاّ بعد فترة طويلة، وهذا بعد الإلحاح، مضيفاً: "لو رجعنا للفكرة السابقة وهي وجود مركز أمني داخل الحي يكون فيه شرطة اجتماعية مصغرة؛ أعتقد أنّ هذا سوف يكون أجدى في سرعة معالجة أي مخالفات ترتكب داخل الحي، إضافةً إلى أنّه سوف يكون شبه مركز معلومات". استقطاب المتطوعين وعلّق "د.الرميح" على ما ذكره "الفوزان" قائلاً: "من الممكن أن تسهم الدوريات الأمنية في أمن الحي، ومن الضروري وجودها، ولكنها من حيث العدد فهي غير كافية"، مرجعاً ذلك إلى أنّ أعداد رجال الأمن وآلياتهم ثابتة منذ سنوات، بينما الأحياء تزداد بشكل يومي، وهناك توسع سريع في النطاق العمراني للمدن، مضيفاً: "من المفترض إذا كنا لا نستطيع توظيف رجال أمن على العدد المطلوب يمكن أن نوظف متطوعين أمنيين من شباب الحي، مثلاً مجموعة من الشباب ينخرطون كمتطوعين أمنيين في الشرطة والمرور، على أن يتم قبولهم وفق ضوابط محددة، ويخضعون للتقييم عبر التقارير والمحاضر المرفوعة من قبلهم للمسائلة، ويُمنح هؤلاء المتعاونون مكافآت مقطوعة أو مزايا" وأشار إلى أنّ هذا النظام مطبّق في دول مجاورة، وكل مخالفة يتم ضبطها بواسطة هذا المتطوع الأمني فإنّه يمنح مكافئة، مبيّناً أنّه من خلال هذه الطريقة يتم الحصول على متطوع أمني تابع للمباحث العامة، أو الشرطة، أو الدوريات الأمنية، أو المرور، وهذا المتطوع لا مانع أن يكون موظف في قطاع مدني حكومي أو خاص، لكنه في وقت فراغه يبلغ عن أي مخالفة مقابل مكافأة يتم تحديدها، وفي المقابل يتعرض هذا المتعاون للعقاب عند التبليغ عن شيء غير صحيح، وهنا يكون المجتمع قد شجع على وجود متطوعين أمنيين ثانويين. تسهيل الإجراءات وتداخل "اليحيا" قائلاً: "بصرف النظر عن عدد آليات الدوريات الأمنية، إلاّ أنّ المشكلة تكمن في سرعة الإستجابة، ولذلك يجب أن تحاسب الجهات المختصة على عدم الاستجابة في الوقت المحدد"، معتبراً أنّ تأسيس عمل تطوعي منظم يواجه صعوبات كثيرة يجب تسهيلها؛ لأنّ المجتمع اليوم يجب أن تستند أحد أركانه على العمل التطوعي، فقد انتهى عصر أن يُعتمد في كل شيء على الدولة، مؤكّداً على أنّ العمل التطوعي يجب أن يكون جزءاً هاماً من حياة أفراد المجتمع، مطالباً بأن تسهل إجراءات إيجاد جمعيات المجتمع المدني؛ لأنّ ليس كل شخص يرغب في العمل التطوعي عليه أن ينخرط فيها، متمنياً أن يكون العمل التطوعي المجتمعي جزءاً من الثقافة العامة ليس للأفراد فقط، بل أيضاً أن يتم تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المبادرة والمشاركة في دعم العمل التطوعي. وعلّق "العنزي"على ما ذكره "اليحيا" مؤكّداً على أنّ تنمية العمل التطوعي في خدمة المجتمع وأمنه يحتاجان إلى توعية إعلامية، تحث على وجوب التطوع لخدمة أمن الحي والمجتمع في كل الجوانب، داعياً لأن يتم التركيز في هذا الجانب على غرس هذا المفهوم لدى النشء وطلاب كافة المراحل الدراسية. جانب من دورة توعوية في مركز التنمية الاجتماعية في حي السويدي بالرياض «أرشيف الرياض» * تفعيل مراكز ولجان التنمية الاجتماعية أخذت المملكة بأسلوب تنمية المجتمع المحلي منذ عام 1380ه، وذلك قبل إنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتحديداً عن طريق "وزارة المعارف"، حيث أنشئ "مركز التنمية الاجتماعية بالدرعية" كمركز تجريبي، وبعد إنشائه شُكلّت لجنة من الأهالي للعمل، وأسست جمعية تعاونية، ولكون مركز الدرعية تجمع شبابي كان نواة لنادٍ هناك، كما أنشئت دار للفتاة أصبحت فيما بعد مدرسة للبنات، وجاءت هذه المنجزات مؤشرات طيبة لنجاح التجربة. وفي عام 1381ه أنشأت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عدداً من المراكز في المناطق الحضرية والريفية، وأصبح مركز التنمية الاجتماعية بالدرعية مركزاً للتنمية والتدريب لإعداد الكوادر التي تعمل في المراكز، وتعدّ مراكز التنمية الاجتماعية على أنّها مؤسسات اجتماعية تستند على أساس إقناع المواطنين بحاجة مجتمعهم المحلي إلى النمو والتطوير، إلى جانب إشراكهم في بحث احتياجاتهم ومشاكلهم، وتخطيط برامج الإصلاح اللازمة، ومشاركتهم مادياً وأدبياً في سبيل تنفيذ هذه البرامج، وجاء ذلك ضمن القواعد التنفيذية للائحة التنظيمية لمراكز التنمية الاجتماعية الصادرة بقرار مجلس الوزراء عام 1428ه، وصدرت بعدها اللائحة التنظيمية لمراكز التنمية الاجتماعية، وبلغ عدد مراكز التنمية الاجتماعية في المملكة ما يزيد عن (28) مركزاً، يعمل إلى جانبها أكثر من (331) لجنة للتنمية الاجتماعية الأهلية. ويهدف أسلوب تنمية المجتمع إلى إحداث تغيير مقصود في سلوك المواطنين ضمن إطار القيم الإسلامية والعادات العربية الأصيلة، لتحقيق نمو متوازن، عن طريق استغلال إمكانات وموارد البيئة المحلية المتاحة، أو التي يمكن إيجادها لمواجهة أعباء الحياة، معتمدين على أنفسهم ثم ما يقدم لهم من دعم للجهود التطوعية، واكتشاف القيادات المحلية وتدريبها، واستثمار طاقات الشباب وتشجيع الأساليب الحديثة في الإنتاج، وتوفير الخدمات المختلفة إلى جانب الاهتمام الكبير بالأمومة والطفولة باعتبارها عدة المستقبل. مدير شرطة النظيم مجتمعاً مع أعضاء مجلس الحي للتنسيق الأمني «أرشيف الرياض» *تجربةتستحق التعميم أسس أهالي حي "النظيم" بمدينة "الرياض" مجلساً تطوعياً في الحي؛ بهدف التعاون بين أبناء الحي أنفسهم، وتفعيل دور الأسرة والمدرسة والمسجد في تحقيق ذلك، حيث يشترك الأهالي مع الشرطة في ضبط الأمن في الحي، كما تم تأسيس منتدى الكتروني خاص بالمجلس؛ لنشر كافة النشاطات، وفتح باب المشاركة من خلاله مواطني الحي. وأشاد العقيد "د.مساعد المرشدي" -مدير مركز شرطة النظيم بالرياض- (في حديث سابق ل"الرياض") بالترابط بين أهالي حي النظيم، وتفاعلهم مع الجهات الأمنية، وتكامل دور المسجد والأسرة والمدرسة، من خلال الفعاليات والمناشط التي تنمي طاقة الشباب وتستثمرها فيما هو مفيد، مبيّناً أنّه في آخر جلسة عُقدت بمجلس الحي عرض المواطن "فيصل معاش" -عضو المجلس التطوعي- عدداً من مقترحات أهالي الحي لمعالجة بعض السلبيات، مثل: التفحيط، وقلّة الدوريات الأمنية عند المدارس، وإجراءات تلقي البلاغات نتيجة وجود مضاربات أو تفحيط خارج المدرسة، وبقاء المحال والتموينات التي يجتمع عندها الشباب إلى أوقات متأخرة من الليل، بالإضافة إلى مشاكل العمالة السائبة التي تهدد أمن الحي، وازدحام الشاحنات والطريق المؤدي إليه. *تخطيط الأحياء غير مناسب أمنياً! قال "د. يوسف الرميح": "من الملاحظ في المقام الأول أنّ أحياءنا السكنية لم يتم تخطيطها وفق رؤية أمنية، إذ يغلب عليها التخطيط العشوائي والتخطيط التجاري، بحيث أُعطيت الأهمية في المقام الأول لإيجاد شوارع ومحال تجارية، كما أنّه يغلب على الأحياء كثرة المداخل والمخارج، وهذا من نتائج التخطيط العشوائي". وأضاف أنّ الحي الآمن يعتمد على مدخل واحد ومخرج واحد، بحيث يمكن السيطرة على مداخل ومخارج الحي، ومنها سهولة التعرف إلى الداخلين والخارجين والمترددين، إضافة إلى أنّ تقنين المداخل والمخارج في الحي يمنح الأسر الخصوصية في سهولة التنقل داخل الحي، وكذلك حماية الأطفال من مخاطر وسائل النقل. وأشار إلى أنّ وجود محال تجارية داخل الحي من العشوائية التي تربك استقراره، إذ ليس هناك معيار يضبط ويحدد مواقع المحال التجارية، مضيفاً: "نلاحظ أحياناً أن هناك من يبني محلاً تجارياً كجزء من فناء منزله، ولا يعيق ذلك سوى إزالة سور المنزل الأمامي، وهكذا، بينما لهذه المحال أثر سلبي كبير على أمن الحي، وانضباطية الحركة في شوارعه؛ مما يؤكّد أنّ أحياءنا السكنية لم يتم تخطيطها أحياء آمنة، وأنّ هذه الفكرة كانت غائبة عن البلديات وعن تخطيط المدن، وبالتالي يدفع السكان ثمن هذه العشوائية التي أوجدت لنا، إلى جانب تلك الملاحظات وجود شوارع ملتوية وغير منتظمة". وأضاف أنّ هناك أحياء سكنية تعاني كثيرا من السلبيات، مثل: ضعف الخدمات، كما تعاني الفقر، والعمالة الوافدة وغير نظامية، كما تعاني الطرقات المتهالكة وغير المنارة بشكل جيد. *وفروا مقراً وسيارة للعمدة..! أكّد "خلف بن دخيل العنزي" -عمدة حي الضاحي بمدينة بريدة- على أنّ للعمدة دورا مهما في تكريس الأمن المجتمعي داخل الأحياء، حيث ينقل أي ملاحظة لجهة الاختصاص أياً كانت، سواءً أمنية أو خدمية، ويتابع ذلك مع تلك الجهة. وقال: "نحن كعمد نتقبل أي شكوى أو ملاحظة من أي مواطن أو مقيم وننقلها لجهة الاختصاص، ويبقى التعاون مطلبا ضروريا؛ لتعزيز الحماية الأمنية داخل أحيائنا السكنية، فلو أنّ كل مواطن أو مقيم أخذ على عاتقه الإبلاغ عن أي ملاحظة في النهاية سنجد أنّ حيّه خالٍ من أي سرقات أو قضايا أمنية ومرورية". وأضاف أنّ عدم وجود مكاتب للعمد داخل الأحياء حدّ من دورهم الأمني، على الرغم من نص النظام الصريح على ذلك في اللائحة التنفيذية لنظام العمد، والتي نصت مادتها الثامنة على أن يُخصص للعمدة مقر يعمل فيه يتوسط الحي، ويكون في مكان بارز فإن تعذر الوسط ففي الأقرب من الوسط، وكذلك يزود مقر العمدة بوسيلة نقل ملائمة يتم استعمالها في أداء المهام والواجبات المسندة للعمدة ونائبه، مشيراً إلى أنّ العمدة هو همزة الوصل بين المواطن وجهات الاختصاص سواءً أمنية أو خدمية أو اجتماعية، ولا بد للعمدة أن يتعامل مع وسائل التقنية الحديثة في مجال عمله، فقد ظهر واضحاً أهمية تقنية الحاسب الآلي في مجال العمل، حيث تم حصر السكان الذين يقعون في نطاق العمل الإداري، ويمكنه بهذه التقنية أن يتابع المشاكل ويساهم في إيجاد الحلول". أمن الحي لا يتحقق من دون تلبية احتياجات الأهالي الخدمية وتكثيف الدوريات الأمنية تنظيم البقالات داخل الأحياء..! دعا "د. يوسف الرميح" إلى تحديد ساعات عمل البقالات داخل الأحياء، بحيث يتم إغلاق (50%) منها بعد الساعة التاسعة مساءً، وبعد الساعة الثانية عشرة تغلق جميعها، ويتم الإبقاء على المحال الضرورية كالصيدليات، ومحطات البنزين. وعلق "خالد اليحيا" قائلاً: "أنا لا أؤيد مطلقاً وجود بقالات داخل الأحياء، ولا أرى أي ضرورة لوجودها لأسباب أمنية، بل المطلوب وجود أسواق مركزية تكون على شارع عام وتحت سمع وبصر الجميع، كما يجب تحديد ساعات عمل هذه الأسواق المركزية، فهذه البقالات الصغيرة داخل الأحياء لا تمثّل سوى واحدة من صور التستر، وفرصة لتشغيل العمالة التي استقدمت لفتح بقالة، كحالة نادرة لا توجد إلاّ في مجتمعنا". وأضاف أنّ البقالات الصغيرة التي تدار بواسطة العمالة تكون سلعها غالباً عرضةً للفساد والتلف؛ نتيجة إغلاق التكييف، وعدم وجود العناية والتخزين المناسب، مشيراً إلى أنّ كثرة البقالات تشكّل عبئاً على جهات الرقابة الصحية. العنزي: نفتقد مراكز إدارية أمنية مصغرة لتستقطب المتطوعين *سلوكيات أبناء الحي عند المدارس! قال "محمد بن عبدالعزيز الفوزان": "من المؤسف أننا نشهد حالات تفحيط كثيرة تقع أمام المدارس عند انصراف الطلاب، وينتج عنها حوادث متعددة وإصابات خطيرة، وعندما نتصل بالمرور تكون الاستجابة بطيئة، وقد حدث ذلك في حي الفايزية ببريدة في مربع يحتوي على كلية للبنات، ومدراس ثانوية، ومتوسطة وابتدائية للبنات، وكذلك مدارس ثانوية، ومتوسطة، وابتدائية للبنين"، متسائلاً: "ألا يستحق هذا العدد من هذه المنشآت التعليمية وما تضمه من البنين والبنات وقوف سيارة دورية بشكل دائم؟، بينما نلاحظ أنّ كلّ سيارةٍ من سيارات (ساهر) تقف معها سيارة دورية"!. وأضاف: "إذا كان المرور لا يتوفر لديه عددٌ كافٍ من الدوريات فلا مانع من وقوف (ساهر) لوحده واستغلال الدوريات لتكون عند المدارس، خصوصاً عند انصراف الطلاب والطالبات"، معتبراً أنّ عدم وجود العقاب في مثل هذه الحالات سوف يساهم في وقوع الحوادث التي تهدد أمن الحي وسلامة ساكنيه. وأشار إلى أنّ المجتمع بأفراده ومؤسساته يعدّ منظومة أمنية متكاملة، يجب من خلالها أن يؤدي الجميع دوره، معتبراً أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية لم تؤد الدور المطلوب منها في هذا الجانب، مضيفاً: "حينما ننظر أيضاً إلى ثقافة المجتمع، ومخرجات التعليم فيما يخص الشأن الاجتماعي؛ فإنّها لا تقدم جرعات تجعل الشاب قادراً على تحمل المسؤولية، أو تزرع لديه الاعتمادية فيما يخص استشعار أهمية الحي والمحافظة على أمنه، بل إنّ بعض الشباب لا يستطيع أن يتحمل المسؤولية في هذا الجانب، وقد يكون للبيت والمسجد كذلك دور في هذا الموضوع".