رحم الله أيام زمان عندما كان العمدة (عمدة) يعايش شؤون وشجون أبناء الحي ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يعرفهم ويعرفونه ويقضي بينهم بالعرف قبل القانون في بيئة متجانسة اجتماعيا وسكانيا وجغرافيا. اليوم الدنيا تغيرت في كل ذلك وفي زحامها تراجع دور العمدة حتى اكتشفنا حاجتنا الكبيرة إلى إعادته بأدوات أخرى أكثر فاعلية. وهنا نشد على يد سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل في حرصه على تأكيد أهمية هذا الدور، وأقتبس (الخلاصة) من كلمة سموه في (ملتقى عمدة الحي من منظور عصري) وتوصيفه الدقيق بعبارة جميلة دارجة وهي «إن تهميش دور العمدة خطأ فاحش يجب أن يصحح». إذاً نحن أمام قضية من شقين الأول: تهميش دور العمدة الذي ثبت خطؤه، والثاني ضرورة تصحيح هذا الخطأ بعودة العمدة لدوره أو الدور والمسؤولية للعمدة بأسلوب عصري. وبالفعل هذا هو الواقع ، فكم من سكان الأحياء يعرفون عمدتهم وموقع مركازه؟ وكم منهم يراجعه؟ والعجيب أن العمدة اليوم تقاسمت مهامه جهات أخرى واقتصر دوره على توقيع وختم لشهادة تعريف وغالبا لا يعرف عن صاحب الطلب ولا حالته شيئا في الواقع ولو كانت امرأة مسنة أو صحاب حاجة لدى جمعية خيرية وغيرها. بالتأكيد مواصفات وشروط العمدة تغيرت، وجوهر مسؤوليته المطلوبة أوسع من دوره الحالي ويجب أن تكون أكثر تأثيراً ، فهو خط التواصل الأول مع أبناء الحي في مشكلاتهم وهمومهم وأمنهم بالمفهوم الشامل، لذا لابد من تفعيل هذا الدور لاستعادة أشياء كثيرة في المجتمع واستعادة روح التعاون والتكافل والنظام ، وكل هذا يتحقق إذا أصبحت مسؤولية العمدة في قلب المنظومة الإدارية باعتباره الدرجة الأولى من السلم الأكثر تفاعلا مع أبناء الحي. مشكلتنا أننا طورنا الإمكانات في كل شيء إلا الخطوة الأولى في منظومة العمل المجتمعي الرسمي والشعبي وهو دور العمدة، فباتت كل المشكلات تتجه إلى الشرطة وما يرفع منها إلى الإمارة، وكل هذا عبء كبير عليها دون علاج حقيقي لتفاصيل العمل المجتمعي، فالعمدة وظيفة رسمية وليست تطوعية ولذلك يجب أن تعود صلاحياته وتقييمه في نفس الوقت. نحتاج حقا إلى إرادة التفعيل لهذا الدور، والأحياء السكنية تنتظر استعادة مكانة العمدة من خلال مسؤولية حقيقية لنقطة البداية الأولى في الأمن المجتمعي. [email protected]