وقبل أن أتحدث عن الصين، وطلب العلم فيها، أريد أن أتحدث عن اللغات، وخاصة أننا أهملناها، ولم نعرها الاهتمام الذي تقتضيه، فلم ندرس في المرحلة الثانوية سوى اللغة الإنجليزية، وحتى هذه الدراسة مع قلة الحصص المخصصة لها، لا تمكن دارسها من إجادتها، والتحدث بها بطلاقة، ومن يبتعث إلى إنجلترا أو الولاياتالمتحدة يحتاج إلى فترة لاستكمال إجادتها، وقد أحوجتنا الظروف أو الحاجة لابتعاث طلبة إلى ألمانياوفرنسا وأخيراً إلى اليابان، وهؤلاء يقضون عاماً أو أكثر في تعلم هذه اللغات، وهو عام ضائع كان يجب أن يقضوه في طلب العلم الذي بعثوا من أجله، ولهذا يجب أن تدرس أكثر من لغة في المرحلة الثانوية، وأن يبدأ تدريس اللغة الانجليزية من المرحلة الابتدائية، فهي لغة العلم والمعرفة والاتصال بالعالم الذي أصبح قرية صغيرة، ومع الأسف فإنّ لغتنا العربية رغم عراقتها وأصالتها غير منتشرة خارج نطاق العالم العربي، وحتى لو وجد من يتكلم بها في بلد مثل فرنسا، فغالبا ما يكون من أصل جزائري أو مغربي فلا نفهم لهجته العربية ولا يفهم لهجتنا، ولهذا فإنّ من أراد أن يكون في قلب العالم وأحداثه ومتابعة علوم العصر ومعارفه لا بدّ أن يجيد اللغة الإنجليزية، وهذا يقودنا إلى موضوع المقال وهو الصين، التي أصبحت الآن ثاني قوة اقتصادية في العالم، وبدأت تخترع التقنية التي كانت تستوردها في الماضي وأصبحت منهلاً يجب أن نتزود منه، وفي المستقبل، وإن لم يكن الآن، فإنّ معظم وارداتنا منها، ولهذا يجب أن تدرس اللغة الصينية في المرحلة الثانوية ولو اختياريا، وأن يكون هناك قسم في كل جامعة لدراستها، وأن نستقدم مدرسين صينيين لتدريسها، كما يجب أن نبعث طلبة للتعلم في الصين، واطلبوا العلم ولو في الصين.