تحول الصراع غير المجدي ل"شاهينة أكتر" التي توفيت بعدما أمضت 110 ساعات من الخوف تحت أنقاض مبنى مصنع النسيج الذي انهار في بنغلادش، الى واحد من رموز أسوأ مأساة في تاريخ الصناعة في هذا البلد الآسيوي الإسلامي الفقير. وقالت فرق الاغاثة أن هذه الأرملة البالغة من العمر 30 عاماً التي بقيت محاطة بالجثث التي سحقتها أطنان من الإسمنت، لم تفقد في أي لحظة الأمل في الخروج حية من حالة الرعب هذه ولقاء ابنها الصغير "روبين". لكن الأيام الخمسة من صراع "شاهينة" التي بدأت الأربعاء من الأسبوع الماضي الى الأحد الفائت، انتهت فجأة عندما تسبب عامل كان يحاول تشغيل آلة قطع في اندلاع حريق حوّل الموقع الى جمر. وعرض التلفزيون الذي كان يتابع مباشرة السباق مع الوقت لمحاولة الوصول الى "شاهينة" عن طريق قنوات ضيقة، رجال الانقاذ يبكون بعد موت من اعتبروها آخر ناجية عالقة تحت الأنقاض. وبينما تشهد حصيلة الضحايا ارتفاعاً بعد أسبوع على الكارثة لتبلغ 405 قتلى و149 مفقوداً، يتحدث عدد من رجال الإغاثة وهم يبكون عن مصير السيدة التي كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون انقاذها. وقال "أبو الخير" بينما كان يساعد رجال الانقاذ على انتشال جثتها من تحت الانقاض، باكياً "لم أر أحداً بهذه الشجاعة من قبل". وشاهينة أكتر غادرت قريتها الفقيرة لتقيم في ضاحية دكا وتجد عملاً في النسيج في منطقة متخصصة بهذا القطاع. وتشبه مسيرتها قصة كثيرين من العمال في هذا القطاع الذي يؤمن سلعاً لعدد من الشركات الغربية المعروفة، أي الهجرة الى العاصمة لمحاولة العثور على مصدر رزق وتسديد القروض. وقال شقيقها "شاهر الإسلام" لوكالة "فرانس برس" ان "والدتنا خضعت لعملية جراحية لازالة حصى قبل عشرين عاماً وحصلت على قرض بقيمة خمسة آلاف تاكا (45 يورو) من دائن لإجراء العملية. ومع الفوائد أصبح المبلغ سبعين ألف تاكا فاضطررنا للهجرة معاً من أجل تسديد القرض". وبدأت شاهينة الابنة الرابعة لعائلة فلاحين بلا أرض في منطقة ساحلية، العمل عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها. وقال شقيقها "كانت تحترم عملها جداً". وأضاف "في بعض الأيام كانت تذهب الى العمل من الساعة الثامنة صباحاً الى الساعة العاشرة ليلاً وفي بعض الأيام كانت تعمل طوال الليل". وكل هذا مقابل أجر شهري يبلغ 4200 تاكا (40 يورو). وبالعمل لساعات إضافية كانت تحصل على ألفي تاكا أخرى كانت ترسلها الى والديها. وتابع "كانت سيدة جميلة جداً أيضاً وأكثر النساء مثابرة"، موضحاً أنها "أحبت عامل نسيج أيضاً وتزوجته بدون موافقتنا. بعد ذلك علمنا أنه قُتل في حادث عندما كانت حاملاً في شهرها الثالث". وتابع أن ابنها البالغ من العمر اليوم 18 شهراً أصبح "محور حياتها. قالت لنا انها لن تتزوج ثانية وأن حلمها هو ان تؤمن أفضل تعليم لروبين. كانت تحلم بأن يصبح طبيباً او مهندسا". ولا يعرف الطفل شيئاً عن الحادث الذي انتزع منه أمه.وقال شاهر الاسلام "انه يلعب طوال النهار لكن في البيت يبحث عن أمه". اما والد هذه العاملة مطلب غولدار فيقول ان عائلته علمت بعد أربعة أيام من الحادث بأن ابنتها عالقة تحت الأنقاض. وأضاف "صلينا لكن الله اختارها للجنة".