هناك أخطاء لابد من الوقوف عندها واتخاذ إجراءات حازمة ولا ينظر لها بأنها اخطاء إدارية عابرة أو من باب الاستفادة من بنود الميزانية أو مرونة النظام.. إحدى هذه القضايا ما نشرته جريدة الوطن بعنوان :إدارة تعليمية تغيِّر مسميات الموظفين الكبار لسائقين ومستخدمين.. وجاء مضمون الخبر: «علمت «الوطن» ان ادارة التربية والتعليم للبنات في منطقة الرياض عمدت إلى تعديل المسميات الوظيفية لعدد من موظفيها الكبار للاستفادة من قرار تكليف خارج الدوام لضمان استفادتهم مادياً وفق اللائحة الخاصة بذلك. وضمت قائمة الأسماء التي اعتمدها مدير عام التربية والتعليم للبنات بالمنطقة الدكتور ابراهيم العبدالله في القرار الخاص بتكليف (56) موظفاً بالعمل خارج الدوام في مركز اختبارات الثانوية العامة للبنات اسماء بعض كبار الموظفين الذين تم تغيير مسمياتهم إلى سائق ومستخدم» .جريدة الوطن الصفحة الأولى يوم الاحد الماضي. هذه القضية لها أكثر من بعد قانوني وتربوي يحتاج الوقوف عنده ومراجعته لاتخاذ اجراءات لحماية مؤسسات التعليم من أي تصرفات تفقد مصداقيتها وأنا هنا أتوجه لسمو نائب الوزير الدكتور خالد بن مقرن لانه مسؤول عن هذا القطاع ولكونه أستاذاً أكاديمياً وإداريا شهد له بحماية الأنظمة واللوائح وحرصه على مصداقية العمل التعليمي سواء في الجامعات أو التعليم العام. أما من الناحية التربوية فإن تعليم البنات بالرياض الذي لم يكذب هذا الخبر الذي نشر في الانترنت ونشرته جريدة الوطن وصار حديث المجالس الخاصة والعامة فإنه نوع من التحايل على الأنظمة والالتفاف على البنود ومؤشر إلى عدم الانضباط الإداري وسلامة الإجراءات الماليةمن خلال تنفيع مسؤولي ادارة تعليم البنات بصرف خارج الدوام تحت مسمى مستخدم وسائق وهذا لا يتوافق مع أسس التربية والتعليم ومسلك غير منضبط من مؤسسة تعليمية مسؤولة عن التربية والتعليم. فإذا كانت إدارة التعليم تتجاوز في الناحية التربوية وتلجأ إلى التلفيق والالتفاف على الانظمة فكيف تقدم لبناتنا تربية وكيف تعلمهن القيم الأخلاقية والصدق والنزاهة في العمل وهي تستغل اسماء السائقين والمستخدمين والعمال ممن هم على البند ليستفيد منها مسؤولون عن التربية والإدارة والمالية. الامر الثاني هو التجاوز التعليمي وهذا أمر لا يجب أن نسكت عنه نحن أبناء المجتمع والمسؤولين في التعليم لأن تصرّف إدارة تعليم البنات جاء بتغيير المسميات من مدير إدارة إلى مستخدم هو نوع من التزييف في الاوراق الرسمية فإذا كان الموظف بالمرتبة الحادية عشرة أو معلم يتم تحويله إلى مستخدم وسائق وهذا يفقد إدارة التعليم المصداقية خاصة وهي مسؤولة عن الوثائق والشهادات والدرجات والمستويات التعليمية إذا قبلت إدارة التعليم تزييف أوراق مسؤوليها فهل نطمئن على ما بين أيدينا من وثائق ثانوية وشهادات ودرجات.. هذا أمر لا يتعلق بإدارة التعليم وحدها بل أولياء أمور الطالبات والأهالي فالجهة التي تقوم على الوثائق والشهادات يجب أن تتصف بالمسلك الإداري المنضبط والدقيق لأنه مرتبط بالمصداقية بين الجهات العلمية وطالباتها فأي اختلال وشكوك سيؤدي إلى افتقاد المصداقية ويدفع بالأهالي وأولياء أمور الطالبات بطلب المساءلة القانونية في أي ملاحظة تتعلق بالوثائق العلمية. الأمر الثالث لا تحدث مثل هذه التجاوزات التعليمية والإدارية إلا بوجود خلل في الناحية التخطيطية وتهاون في الإجراء الإداري الذي يجعل المسؤول يلجأ إلى بنود أخرى للاستعانة بها في حين أن موضوع الاختبارات معروف ومعلوم سلفاً لإدارة التعليم وأن من يتولاه هن المعلمات والمشرفات وقد لا يكون للموظفين الاداريين في إدارة التعليم من الرجال علاقة مباشرة إلا إذا كان هناك أمور أخرى!!. أما الأمر الرابع هو جانب أخلاقي يتعلق باحترام المسمى والمكانة الإدارية والعلمية فكيف يرضى مدير إدارة بالمرتبة الحادية عشرة أو الثانية عشرة أن يتحول إلى مسمى سائق أو مستخدم وهذا ليس تقليلاً من شأن السائق أو المستخدم فهم ابناؤنا وإخواننا وشريحة عزيزة من أبناء المجتمع الذين نفتخر بهم لأنهم يؤدون لنا دوراً كبيراً يشكرون على إخلاصهم وحبهم لهذه المهنة لكن الأمر يتعلق بالموظف الكبير الذي يرضى أن يأخذ مسمى من هم على وظائف البند ليحصل على خارج الدوام باسم هذا الموظف السائق الذي يستحق هذا المال لأنه هو الذي يعمل وشرعت هذه البنود له شخصياً وليس لمدراء الإدارات.. ومن ناحية أخلاقية ومهنية كيف يقبل مدراء الإدارات أن تتداول أسماؤهم بين الموظفين وهم يحملون غير مسمياتهم الحقيقية ،مدير الإدارة أصبح سائقاً ومدير عام شؤون أصبح مستخدماً وكل ذلك من أجل خارج الدوام .ألا ترى يا سمو النائب لتعليم البنات أن مثل هذه الأخطاء الإدارية تفقد التعليم مصداقيته وتضع علامات شك في الوثائق والمستويات التعليمية والدرجات التي تمنح للطالبات ثم تضع سؤالاً كبيراً حول المال العام وبنود الميزانية فهذه استهانة بالإجراء المالي والإداري. ويمس هيبة المؤسسة التعليمية التي أنشئت من أجل التربية والتعليم.