أكد فضيلة الشيخ الدكتور قيس بن محمد المبارك عضو هيئة كبار العلماء في حديث خاص ل"الرياض" بأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلَّم لم يَخُص يوماً ليكون يومَ راحةٍ وعطلة - لا يوم الجمعة ولا غيره- مؤكداً بأنه يُباح للناس أنْ يُخصِّصوا يوماً من أيام الأسبوع ليكون يوم راحةٍ وعطلةٍ لهم، وهو من العوائد والأعراف التي الأصل فيها الإباحة، لافتاً الى ان علماءَ الأحساء إلى وقتٍ قريب كانوا يُخصِّصون الجمعة والثلاثاء ليكونا يومي عطلة، فتقف في هذين اليومين جميع الدروس العلمية في المدارس والمساجد، فالجمعة خصَّصوه لزيارة الأقارب وصلة الأرحام، أما الثلاثاء فجعلوه إجازةً لقصْد التزاور بين الأصحاب والتنزُّه في المزارع، فهذه من العوائد والأعراف المباحة، فتَرْكُ العمل يوم الجمعة يجوزُ لأيِّ سببٍ من الأسباب المباحة، سواءٌ كان لحاجةٍ أو لمصلحةٍ دَعَتْ إليه، بل ولغير سبب ولا حاجة، ما لم يُقْصَد به التعبُّد، فلا يُعبد الله تعالى إلا بما شَرع، ولم يَشرع اللهُ لنا تَرْك العمل يوم الجمعة، وإنما قال لنا:(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا في الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله). واضاف الشيخ المبارك قائلا: العمل بعد صلاة الجمعة مباشرةً مباحٌ غير مكروه، بل ذهب بعض العلماء إلى أنَّ ذلك مستحبٌّ لهذه الآية كما قال ابن رجب، فنَقَلَ عن التابعي الجليل عِراك بن مالك رضي الله عنه أنه إذا صلَّى الجمعة وقف على باب المسجد وقال: (اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرْتُ كما أمَرْتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين) وقد كَرِهَ كثيرٌ من العلماء أن يُتْرَك العملُ يومَ الجمعة تعظيماً له، قال الإمام مالك رحمه الله:(كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون أن يُترك يوم الجمعة العمل، على نحوِ تعظيم اليهود السبت والنصارى الأحد) بل وأنكر الإمام مالكٌ مَنْعَ الناسِ البيعَ قبل الأذان الذي يكون حين صعود الإمام على المنبر. وأوضح انه مِن فضْل الله على أمَّة محمد عليه الصلاة والسلام، أنْ جمع لنا في يوم الجمعة فضلَ الآخرة وفضل الدنيا، فأباح لنا العبادة فيه، بل جعله أفضل الأيام الأسبوع، وأباح لنا العمل فيه لكسب الرزق، ثمَّ نهانا عن الغلوِّ فيه بتخصيصه بصيامٍ، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تَخصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام).