بالطبع لم يترك النجم آرنولد شوارزنجر الأكشن حتى يعود إليه، لنقل إنه توقف عنه مؤقتاً خلال فترة رئاسته لحكومة ولاية كاليفورنيا الأمريكية من 2003 إلى 2011، والتي أجبرته على الابتعاد عن مجال السينما قبل أن يرجع بقوة في السنتين الماضيتين، بسلسلة أفلام The Expendables ثم بفيلم The Last Stand الذي قدمه هذه السنة، مكرساً من خلاله صورته كنجم أكشن أسطوري. الحديث عن آرنولد يمثل نوعاً من الحنين لأي متابع سينمائي، ذلك أنه ينتمي لمرحلة مهمة في تاريخ السينما الهوليودية كان أبطالها ذوي العضلات المفتولة أمثال آرنولد وفاندام وستالون وبروس ويليس ودولف لوندغرين وستيفن سيغال، الذين كان لهم في الثمانينيات وبداية السبعينيات الكلمة الأولى في شباك التذاكر الأمريكي، وكانت أفلامهم تعبر عن روح الثمانينيات، وتمثل جزءاً من وعي وذاكرة الجمهور الذي عاش في الفترة التي سبقت ضجيج الإنترنت وصخب الاتصال الإلكتروني، لذا فإن الحديث عن هذه الأفلام إنما يحمل في جوفه حنيناً عارماً لتلك الفترة التي ظهرت فيها أفلام العضلات المفتولة. وآرنولد كان واحداً من هؤلاء، بل أهمهم على الإطلاق، بعضلاته التي كسبها من احترافه للعبة كمال الأجسام، وبأفلامه الشهيرة التي كانت علامة فارقة في تاريخ الأكشن الهوليودي، مثل سلسلة (التيرمنيتور-The Terminator), وفيلم Predator، وفيلم Eraser، وفيلم (أكاذيب حقيقية-True Lies)، ومجموعة أخرى من الأفلام التي ظهر فيها مثالاً للبطل الذي لا يقهر والذي ينتصر للحق ويتغلب على أعدائه حتى لو كانوا بالمئات. هذا البطل سيعود بفيلمه الجديد The Last Stand ليكرس نفس الصورة، عبر حكاية كلاسيكية "نمطية" تروي قصة المجرم المكسيكي الخطر الذي يهرب من السجون الفيدرالية الأمريكية ويتجه إلى المكسيك لكنه يصطدم بعقبة وحيدة تتمثل في شرطي أمريكي شريف يجسده –بالطبع- آرنولد، الذي صادف أنه يعيش في قرية مهجورة على الحدود المكسيكية، ويأتيه بلاغ من الشرطة الفيدرالية بأن مجرماً سيعبر هذه القرية برفقة عصابته المحترفة، فيقرر بطلنا الوقوف لوحده ضد هذه العصابة، رافضاً وصول المجرم إلى أرض المكسيك. الفيلم يمتلئ ب"الكليشهيات" الهوليودية المعروفة في أفلام الأكشن، مطاردة، ورصاص يطلق في كل اتجاه، ورومانسية وسط الدمار، ومثاليات وطنية يرددها الأخيار، واستعراض للسيارات الرياضية ذات السرعة العالية، وبطلٌ خارق يتغلب على الجميع رغم كبره الواضح في السن. ملامح معروفة شاهدناها في الكثير من أفلام الأكشن القديمة لكنها ولهذا السبب نفسه أصبحت سبباً مهماً لتقدير هذا الفيلم.. ومثلما فعل المخرج كوينتن تارنتينو في فيلم Death Proof عندما أعاد تصوير ملامح سينما السبعينيات الرخيصة بنفس أخطائها وسقطاتها الفنية، فإن الفيلم الجديد لآرنولد بكل كليشيهاته المبتذلة إنما يمثل عودة إلى ماضٍ جميل.