على الرغم من تبني الحكومة في السنوات الأخيرة برامج إصلاح اقتصادي ذات طابع تنموي يواكب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها البلد، إلا ان وتيرة الإصلاح الاداري المواكب لتلك البرامج يبدو بطيئاً مقارنة بالتغير الاقتصادي، كما أن قضية التطوير الاداري لم تلق حتى الآن الاهتمام الذي يليق بأهميتها. ولاشك أن بطء التطوير الاداري وسلوكه الأسلوب التقليدي سوف يؤثر سلباً على فعالية الخطط الاقتصادية مهما كانت جودة تلك الخطط. فالجهاز الاداري يعتبر أهم الوسائل التي يتم من خلالها تنفيذ السياسة الاقتصادية للدولة، والتي لا يمكن أن تحقق أهدافها بدون الادارة الفعالة. ومن ثم فإن الإصلاح الاقتصادي والاداري هما - كما يقال - وجهان لعملة واحدة، بل هي عملية واحدة متداخلة ومتكاملة. فالإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن يحقق نتائج ايجابية في ظل ادارة سيئة أو تقليدية. وبالاضافة إلى ذلك فإن فاعلية الادارة وكفاءتها سوف ينعكس ايجاباً في زيادة النمو الاقتصادي للبلد. وللارتباط الوثيق بين برامج الإصلاح الاقتصادي والادارة، فإنه يتحتم على المسئولين عن البرامج الاقتصادية البدء في عمليات الإصلاح الاداري قبل الإصلاح الاقتصادي حيث ان الادارة الجيدة هي الأساس لنجاح أي برامج إصلاحية سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. فنجاح البرامج والخطط الاقتصادية لا يمكن أن يكون ملموساً ذا أثر عام إلا من خلال الادارة الرشيدة. فالادارة والادارة الرشيدة - وليس المال - هي المسئولة عن أحداث النهضة الشاملة في المجتمع. ومع ما تشهده البلد من انتعاش ونمو اقتصادي، فإن من أهم الأمور إلحاحاً في عملية الإصلاح الاداري/ الاقتصادي ضرورة تفعيل أدوات الرقابة بكافة صورها مع التركيز على الرقابة المالية حتى لا يتم توجيه الموارد بطريقة تقليدية دون مراعاة للأولويات والاحتياجات. فالملفت للنظر ان زيادة الايرادات عادة ما تُنسي الادارة تحديد الأولويات، فالرخاء ووفرة العوائد يقلل من التفكير في تقييم الأداء وإعادة التنظيم الاداري. وبالتالي فإنه لابد من التركيز على الإصلاح الاداري الشامل حتى لا تتعثر المشاريع التنموية أو تأخذ مساراً خاطئاً. فالفترة القادمة تحتاج إلى إعادة النظر في السياسات الادارية التقليدية مثل المركزية وتفويض الصلاحيات، وتخصيص الميزانيات، ومستوى المساءلة... وغيرها من القضايا التي تحتاج إلى نقاش لاحق. ٭ قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود