تمر الأيام والسنون ويترعرع النشء بغرسهم، فكل ما غرس عليه نشؤه وفي الآونة الأخيرة ترعرع فينا نشء تفاجأنا كما تفاجأ به من حولنا هذا النشء ترعرع على أيد ربته على الانحراف الفكري فاستقت فكرها من أناس حاقدين على هذا البلد خارجين ليس لهم هم إلا أن يدمروا هذا البلد الأمين ولكن الله حاميه ثم حكومته الرشيدة، المهم أن هذا النشء بعدما ترعرع وجد من يؤويه ويحافظ عليه ووجد من يدعمه إما بأن ذلك من الدين وهو لا يعلم عن توجههم شيئاً وهذا كثر، وإما بمناصرة مبطنة، المهم أن أولئك أصبحوا مفكرين ومفتين في نفس الوقت جروا على أهليهم وذويهم وعلى بلادهم ويلات وويلات، فخرجت بأفكار منحرفة جعلت كل ولي أمر يركز فيما يفيد ابنه بعيداً عن الجماعات والتحزب، وفي الآونة الأخيرة أيضاً بدأت القنوات الفضائية كالجزيرة وغيرها تقوم بدور الإبراز لعدد من رموز هذا الفكر كأبي محمد المقدسي وهو من ترعرع على يد شيخه جهيمان العتيبي الذي أراد هدم البيت الحرام وهدم الكعبة المشرفة، ولكن الله وقى فوفق حكومة هذا البلد بالسيطرة عليه وعلى أتباعه، وأبو محمد المقدسي ألف كتباً متعددة هدفها بالدرجة الأولى المملكة العربية السعودية، وهي التي ترعى الإسلام وتقدم العون والإغاثة لعدد من المسلمين المحتاجين في كل بلد، ومن كتبه، إعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس ،الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية، محاكمة محكمة أمن الدولة وقضاتها إلى شرع الله، مختصر كشف النقاب عن شريعة الغاب، كشف الزور والبهتان عمّا نشر عن دستور السلطان، تبصير العقلاء بتلبيسات التهجم والإرجاء (رد على كتاب الحلبي التحذير من فتنة التكفير..) ملة إبراهيم وهذه الرسالة للمقدسي تعتبر دستور التكفيريين، وقد تمادى أبومحمد المقدسي في غيه فهو يرى كفر المشايخ والعلماء في المملكة العربية السعودية. وبعد التفجيرات التي تضررت منها المملكة بدءاً من العليا ثم المحيا ثم غرناطة ثم الخبروجدة التي هي عبارة عن نتاج لهذا الفكر المنحرف. ٭ أعلنت وزارة الداخلية القائمة الأولى لهذا النتاج ثم أعقبتها بالقائمة الثانية، دعتهم فيها إلى تسليم أنفسهم والاهتمام بذلك عاجلاً غير آجل لكي يريحوا ويستريحوا وإلا فإن مصيرهم كسابقيهم. من هنا فقد أكد عدد من المشايخ على أهمية تسليم النفس حيث قال الشيخ عثمان بن ناصر العثمان مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض بالنيابة: إن المتابع للأحداث التفجيرية يعرف أن متبنيها ما هم إلا نتاج فكر منحرف دأب على تفريخ أجيال متعددة وهو فكر تبناه أناس خارجون عن المنهج الصحيح وخارجيون، ومن خلال المتابعة كما أسلفت ومن خلال الأحاديث المسجلة لعدد ممن دأب على تنفيذ هذا الفكر من أبناء هذا الوطن التي تم بثها في القنوات التلفازية يجد المتابع أن هذا الفكر فكر يجهل الأبعاد التي من الواجب توفرها فيمن يتولى الفتوى إن رأى المشايخ أنه أهل للفتوى، وهذه الأبعاد مهمة وضرورية عند الاستشهاد بالآيات والأحاديث ليعرف الراجح والمرجوح وغير ذلك من الشروط، المهم أن الشخص المتابع يجد ضحالة هذا الفكر وجهل في الشرع وحداثة في الأعمار لأن الشخص كلما تقدم به العمر كلما زاد رشده ووعيه، لذا فإنني أحذر الجميع من التعاطف مع هؤلاء وأدعوهم إلى تسليم أنفسهم وعدم الإذعان للفتوى المستوردة عبر الإنترنت، فتسليم الشخص نفسه يهون عليه أموراً عديدة ويسلم نفسه من أمور عديدة. فالله سبحانه وتعالى قال: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، وهؤلاء ومفتيهم شرعوا قتل النفس فأين الأبعاد الشرعية، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «على المرء السمع والطاعة..» فالتسليم طاعة لله أولاً ثم طاعة لنداء ولي الأمر وأيضاً فيه حقن للدماء وفيه بعد آخر وهو البعد الأخروي الذي يرجو كل مسلم مؤمن فهو يعمل ويجتهد لعمل الآخرة. ويقول د.محمد بن يحيى النجيمي: لا شك أن قتل الآمنين من المسلمين وغيرهم محرم شرعاً، قال الله سبحانه وتعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق}، وهذه الآية تشمل المسلمين وغيرهم لأن علماء الإسلام قد أجمعوا على حرمة دماء الذميين والمعاهدين إذا أوفوا بعقودهم ومواثيقهم كما أن الخروج على ولاة الأمر جريحة كبرى محرمة تحريماً مجمعاً عليه قال صلى الله عليه وسلم على المرء السمع والطاعة، فيما أحب وكره.. الحديث وقال صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني» أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وبعد هذه المقدمة فإنا نوجّه نداء إلى المطلوبين أن يسلموا أنفسهم للجهات الأمنية المختصة طاعة لله عزَّ وجلّ أولاً ثم تلبية لنداء ولاة الأمر وحقناً لدماء المسلمين، قال الله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها أبداً وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}. ولا شك أن تسليمهم لأنفسهم يعتبر شجاعة واقداماً، فالمسلم الحق هو الذي يعود إلى الصواب، فالعودة إلى الصواب والحق خير من التمادي في الباطل وعليهم أن يدركوا بأن استمرار النزاع والقتال بينهم وبين إخوانهم المسلمين يخدم أعداء الدين والله ويخدم تجار السلاح ودعاة الفتن أ فليتقوا الله في دمائهم وإن اصرارهم على الفتنة يعتبر قتلاً لأنفسهم في المقام الأول والملة يقول: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً» وقد وردت أحاديث كثيرة ومتضافرة ومتضاهرة تحرم قتل النفس، كما أن استمرارهم في هذه الفتنة يعتبر ذريعة لأعداء الإسلام ليتدخلوا في الشأن الداخلي لأمتنا كما أن فيه إهداراً للمال العام وتعطيلاً للتنمية الشاملة اقتصادية واجتماعية وسياسية وتعليمية وغير ذلك. إننا باسم علماء الإسلام والدعاة نوجّه لهم نداء في أن يتقوا الله ويسلموا أنفسهم فإن المحارب إذا سلم نفسه سقط عنه الحد وبقيت حقوق الناس قال الله تعالى: {فإن تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم}.