سؤال طرحه الكاتب المتخصص في الإرهاب وقضايا الشرق الأوسط "كريستوفر ديكي" في مقال له تحت عنوان "نظرية الفوضى"؛ نُشر في مجلة نيوزويك العدد الصادر بتاريخ 25 مارس 2003م، أي قبل عشر سنوات بالتمام والكمال.. تنبأ الكاتب في المقال بحال العراق بعد رحيل صدام حسين وأشار بأن العراقيين سينقلب بعضهم على بعض وقد يكون ذلك مجرد البداية لتفكك الشرق الأوسط..! وبالفعل هذا ما حدث؛ فالمراقب لأحوال عالمنا العربي اليوم يرى الفوضى (غير الخلاقة) على كافة الصُعد والتي ربما تؤدي إلى تدهور الأوضاع أكثر وأكثر في البلدان التي اشتعلت فيها ثورات الشعوب وأطاحت بالحكومات والأنظمة فيها. في ذات المقال الذي أحتفظُ بالمجلّة التي تحتويه يقول "ديكي" بالنص: عندما يرى الأمريكيون أن هناك حرباً أهلية (يقصد في العراق بعد غزوها) لا أظن بأنهم سيتحملون وضعاً أسوأ من فيتنام. وأول ما سيفعلونه هو القول "لقد أنجزنا مهمتنا.. إلى اللقاء" فمن الذي سيلملم القطع؟... الخ. أُكرر مرة أخرى بأن المقال قد كُتب قبل عشر سنوات وأمريكا تُطلق الرصاصة الأولى في اجتياحها للعراق (الغزو بدأ في 20 مارس 2003م).. حسناً؛ الآن وبعد الآن.. لقد حدثت متغيرات كبيرة بل كبيرة جداً في عالمنا العربي خلال العقد المنصرم أهمها وأخطرها على الإطلاق احتلال العراق وتمزيقه، ثم أحداث ما سُمي بالربيع العربي. ماذا كانت النتيجة هل تغير وضع المنطقة من حال إلى حال أفضل؟ هل تحقق للشعوب ما كانت تأمله وتحلم به؟ هل هناك أمل في استقرار وتحسن الأوضاع أم أن الحال سيزداد سوءاً؟ الجواب أتركه لفطنة القارئ ومشاهداته للعروض المسرحية التراجيكوميدية ذات النهايات المفتوحة..! وعلى طريقة الكاتب "ديكي" أتساءل: مَنْ سيُلملم القطع في العراق وتونس وليبيا ومصر وسوريا المُمزقة؟ مَنْ سيُلملم جراحات مَنْ فقدوا أحبة لهم في تلك الأحداث قُتِلوا بدمٍ بارد؟ والله في هذا الزمان (ما غريب إلا الإنسان)!!