يدرك الجميع أن التدخين يشكل خطورة كبيرة على الحامل والجنين. فقد نشر أول تقرير عن مخاطر تدخين الأم الحامل على الجنين عام 1896 ميلادي. وفي النصف الثاني من القرن الماضي اكتشف الأطباء العلاقة بين تدخين الأم وزيادة الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي في السنة الأولى من العمر. ويدرك القارئ مدى انتشار عادة أو مرض التدخين وتزايده بين الرجال والنساء في كل المجتمعات ومنها السعودية. وقد أظهرت دراسة نشرت قبل عدة سنوات أن تدخين أحد الآباء يضاعف نسبة إصابة أبنائه بالتهابات الجهاز التنفسي، أي أن احتمال إصابة الطفل الذي يدخن أحد والديه بالتهابات الجهاز التنفسي هو ضعف احتمالات إصابة طفل لا يدخن والداه. ليس هذا فقط، بل إن احتمال إصابة الطفل الذي يدخن والداه بالتهابات تنفسية خطيرة تستوجب التنويم في المستشفى هو ضعف قرنائه الذين لا يدخن والداهم. تظهر أهمية ذلك إذا علمنا أن التهابات التنفس هي السبب الأول لوفيات الأطفال في دول العالم النامي. وقد ظهرت العديد من الأبحاث التي تبحث أسباب زيادة التهابات التنفس عند الأطفال الذين يتعرضون للدخان بسبب تدخين والديهم. وقد أظهرت دراسة أن تدخين الأمهات يؤثر بصورة كبيرة في وظائف الرئة عند حديثي الولادة. كما أن تدخين الأم يزيد بنسبة كبيرة احتمال إصابة طفلها بالصفير (الأزيز) أثناء التنفس. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تدخين الأم يؤثر في الطفل بسبب استنشاقه للدخان أو ما يعرف بالتدخين البيئي (السلبي) أم أن ضرر التدخين يبدأ أثناء الحمل عن طريق المشيمة وكذلك عن طريق الرضاعة؟ وقد أظهرت دراسة أجريت في بريطانيا على نحو 13 ألف طفل أن تدخين الأم خلال الحمل يزيد نسبة إصابة طفلها بالتهابات التنفس حتى لو لم تدخن بعد الولادة. وكان تأثير التدخين أثناء الحمل أشد من تأثيره بعد الولادة. وأكدت النتائج السابقة دراسة نشرت عام 2000 على نحو ستة آلاف طفل في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. كما أظهرت الأبحاث أن تدخين الحامل يزيد من احتمال إصابة طفلها بالربو والحساسية. وأظهرت الأبحاث كذلك أن مستوى مختلف أنواع السموم التي يصدرها الدخان في دم الجنين هو نفس المستويات الموجودة في دم الأم المدخنة؛ حيث تنتقل كلها عن طريق المشيمة إلى الجنين. ويظهر مما سبق أن خطر التدخين أثناء الحمل على الجنين أشد من خطر التدخين البيئي (السلبي) الذي يتعرض له الأطفال في المنزل. ويجتهد الباحثون في محاولة التوصل إلى أسباب الآثار الجانبية التي يسببها تدخين الأم الحامل على الجنين. وقد ظهر في بعض الأبحاث الحديثة والتي حللت عينات من دم الحبل السري للأجنة الذين تدخن أمهاتهم أن تدخين الأم يضعف الجهاز المناعي عند الجنين؛ حيث يضعف بعض الخلايا المناعية المهمة لحماية الجسم من الالتهابات والعدوى، وكذلك يقلل من إفراز بعض المواد المناعية المهمة لتفعيل وتقوية مناعة الجسم، وهذا ما قد يوضح سبب زيادة إصابة أطفال الأمهات المدخنات بالتهابات التنفس. كما أن الدراسات وضحت أن تدخين الأم يغير من الاستجابة المناعية عند الجنين للعوامل البيئية الخارجية، وهو ما يوضح سبب زيادة إصابة أطفال الأمهات المدخنات بالربو والحساسية. يشكل خطورة كبيرة على الحامل والجنين