دعا خبير اقتصادي ومالي إلى السعي لتأسيس سوق تمويل منظمة ومتخصصة للسوق الصناعية الآجلة تعتمد على تنشيط "عقود الاستصناع"، وقال إن تأسيس هذه السوق يرتكز على نظام عقود الاستصناع التحوطي للتمويل بالمشاركة، معتبراً أن بيئة المملكة وسياساتها الداعمة لخيار التنمية الصناعية تعد حاضنة وملائمة لتطبيق مشروع سوق الاستصناع التحوطي من خلال عقد الاستصناع التحوطي كنموذج تطبيقي لتمويل مشاريع التنمية الصناعية. جاءت تلك الدعوة على لسان الدكتور سيف الدين إبراهيم تاج الدين الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال المحاضرة التي نظمتها لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض بالتعاون مع كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية الإسلامية بعنوان "الاستصناع التحوطي للتمويل بالمشاركة" أمس الأول، وشارك فيها الدكتور محمد بن إبراهيم السحيباني أستاذ كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وخالد بن عبدالعزيز المقيرن نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض. وعرف المحاضر عقد الاستصناع بأنه صيغة إسلامية للتعاقد بين طرفين الأول "المستصنع" وهو الطرف الذي يطلب صناعة أي منتج، والآخر هو الصانع الذي يمتلك الخبرة والمهارة اللازمتين لصنع المنتج. واعتبر تاج الدين أن عقد الاستصناع التحوطي يعتبر بديلاً إسلامياً ملائماً للعقود الآجلة المعاصرة، نظراً لما يتميز به عقد الاستصناع من أداء وظيفة التحوط ضد مخاطر تمويل الإنتاج الصناعي، وخصوصاً المخاطرة السعرية. وعلل بذلك أهمية السعي لتأسيس بورصة للاستصناع "سوق مالية"، إضافة إلى أنها ستحقق التواصل المباشر بين الشركات الصانعة، والشركات المستصنعة "المشترية" وهو ما يكفل خفض تكلفة المنتج الصناعي ويعالج مشكلة ارتفاعها في حالة العمل بنظام الاستصناع الذي تتبعه البنوك الإسلامية حالياً نتيجة اعتمادها على طرف وسيط يرفع التكلفة، بينما في سوق الاستصناع التحوطي تتم العملية بشكل مباشر بين الصانع وطالب الصناعة، ويكون الطرف الثالث هو الممول، ورأى أن من المهم أن يتم البدء بالخطوة الأولى للسوق ولو ببداية متواضعة ثم يكبر وينمو تدريجياً، وقال إن البنوك التي تتجنب المخاطرة ستدخل السوق في مرحلة لاحقة عندما تطمئن وتتأكد من سلامة السوق. ثم أدار خالد المقيرن الحوار بين المحاضر والحضور، وأوضح في البداية أنه يؤيد ما ذكره المحاضر بشأن تخوفات البنوك من الدخول في عملياتها التمويلية، وقال إنه رغم ما يقدم إليها من دراسات جدوى للمشاريع والضمانات الائتمانية إلا أنها كثيراً ما تتعرض لمجازفات قد تؤدي لضياع أموالها نتيجة تعثر المشروع، ولهذا فإنها محقة في التحوط الزائد حتى تضمن الحفاظ على أموالها وأموال المودعين، ورأى أن البنوك ستأخذ فترة من البحث والتمحيص حتى تدخل في أية منتجات جديدة بعيداً عن المخاطرة غير المحسوبة، وعندما تطمئن لسلامة المنتج وضمان أموالها من الضياع فإنها لن تتردد فهي تبحث عن استثمار أموالها في عمليات مأمونة ومربحة. ومن جانبه قال تاج الدين في معرض إجاباته على تساؤلات الحضور إن البنوك الغربية بدأت تنظر للمعاملات المصرفية الإسلامية غير الربوية بعد الأزمة المالية العالمية كطوق نجاة وكحل لأزمتها المالية، وهنا قال المقيرن إن على المصارف الإسلامية أن توحد النظام التمويلي الإسلامي، وإذا ما وصلت لهذا النظام فسيكون له دور كبير في المعاملات البنكية في العالم، لافتاً إلى أنه لا تزال هناك بعض التضاربات والتناقضات بين الهيئات الشرعية في البنوك، فما تجيزه البعض قد ترفضه البعض الآخر. من جهته تحدث الدكتور محمد بن إبراهيم السحيباني أستاذ كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فأوضح أن هذا البحث الذي قدمه الدكتور تاج الدين يخرج من عباءة كرسي سابك، ضمن اهتمامه العلمي والبحثي الذي يركز على قضية تطوير أداء سوق الأسهم السعودية بضوابط شرعية، وقال إن هناك تحدياً كبيراً للانتقال من النظرية إلى التطبيق.