انتفض الشعب في مصر وليبيا وتونس. قدم الشهداء لإزاحة أنظمة ديكتاتورية فاسدة لم يعد همها إلا جمع المال على حساب الوطن والمصلحة العامة. سقطت الأنظمة بشكل سريع.. ثم امتطى المتأسلمون صهوة جواد الثورة ومازالوا في الحكم منذ أكثر من سنة. انقلب الإعلاميون المطبلون إلى منتقدين للنظام السابق.. بعضهم قدم نفسه على أنه بطل. ومع مرور الوقت وفشل المتأسلمين بتحقيق الحد الأدنى لأحلام الشعب بدأت موجة الانتقاد تتجه نحوهم. المتأسلمون لا يقبلون الرأي الآخر ولا يقبلون النقد، ويعتقدون أنهم حزب الله المختار، أصبحت منابر الجوامع أداة دعاية ممجوجة لهم بدأ بالقول إن من لم يصوت لمرشحهم يعص الله إلى التهديد بمن ينتقد الحكم القائم. انتشرت الجريمة وعم الفقر وبدأت مفاصل الدولة بالانهيار. وبدلا من أن نرى "البلطجية" يقدمون للمحاكمة وينفذ فيهم حد المحاربة، اتجه قضاء المتأسلمين المسيس لمطاردة الإعلاميين في محاولة مستميتة لكتم الصوت الحر. ففي كل يوم نسمع عن محاكمة إعلامي، ثم أصبحنا نسمع عن محاكمة مجموعة من الإعلاميين. ثم سجن إعلاميين ورفض إطلاق صراحهم رغم تبرئتهم. ولا يزال القضاء على الإعلام الحر أولوية في أجندة الحكومات المتأسلمة. وسيظل كذلك. لابد أن يدرك المتأسلمون أنهم لايمثلون الإسلام، وأن الهجوم الإعلامي عليهم ومعارضتهم لايعني معارضة الإسلام ولا الهجوم عليه. من الخطأ الواضح للحكومات المتأسلمة المزايدة على الإسلام واتهام خصومهم بأنهم ضد الإسلام. لقد انكشفت تلك الحكومات للناس على حقيقتهم، فهجومهم لم يطل الإعلام الحر فقط بل اتجهوا للقضاء النزيه، ولو خلت الساحة لهم لأصبحت الحرب بين المتأسلمين أنفسهم. إنها سني عُجاف سلطها الله على تلك الدول وأهلها. فإلى متى سيستمر هذا الابتلاء؟ وهل سيساهم المتأسلمون في انهيار دولهم مقابل الحفاظ على جماعاتهم.