منحت وزارة التجارة والصناعة تصاريح لإنشاء 107 آلاف مؤسسة جديدة فقط خلال عام 2011، وتجاوز عدد المؤسسات التجارية القائمة في السعودية مليوناً وعشرين الفاً ومئتين وإحدى وثمانين مؤسسة في نهاية عام 2011، أي نحو مؤسسة لكل 19 مواطن. مكافحة التستر وترحيل العمالة غير الشرعية إجراءات ضرورية لوقف نزيف الاقتصاد الوطني وقال الاقتصادي فادي العجاجي إن هذا أعلى عدد للمؤسسات القائمة في تاريخ المملكة، ووفقاً للتعداد الاقتصادي الشامل الذي اجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في عام 2010، فإن نحو 84% من هذه المؤسسات هي منشآت صغيرة « 5 عمال فأقل» تتركز في نشاط تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات (الورش). وفي المقابل، بلغ عدد التصاريح الممنوحة لإنشاء شركات في المملكة نحو 7360 شركة خلال عام 2011، وبلغ الإجمالي التراكمي للشركات القائمة نحو 68 ألف شركة حتى نهاية عام 2011، أي شركة لكل 279 مواطن. أما بالنسبة للمصانع، فقد منحت وزارة التجارة والصناعة تصاريح لإنشاء 280 مصنعاً خلال عام 2011، وبلغ الإجمالي التراكمي للمصانع القائمة في المملكة نحو 5133 مصنعاً، أي مصنع مقابل 3701 مواطن. واضاف أن هذا الكم الهائل من المؤسسات الصغيرة خلق بيئة خصبة لتطور «صناعة التستر» وتزايد أعداد العمالة غير الشرعية إلى مستويات غير مسبوقة. وبدأ يتزايد الطلب على منح تراخيص المؤسسات الصغيرة بشكل ملحوظ وبوتيرة عالية خلال السنوات الأخيرة، فقد ارتفع عدد التراخيص الممنوحة لإنشاء المؤسسات التجارية من 68 ألف مؤسسة في عام 2008، إلى 70 ألف مؤسسة في عام 2009، ثم 80 ألف مؤسسة في عام 2010، ليصل خلال عام 2011 إلى نحو 107 مؤسسات. حتى أصبح من المتعارف عليها عند العقاريين أنه يمكن تأجير أي موقع تجاري في أي منطقة نائية لغرض الحصول على الترخيص واستخدامه للاستقدام. وأكد أن ذلك أدى إلى ضعف ربحية الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتعذر على المواطنين إدارة المشروعات الصغيرة بسبب انخفاض ربحيتها، وهو ما فتح المجال أمام العمالة الوافدة غير المدربة – وغير الشرعية في بعض الأحيان- لفرض سيطرتها على جزء مهم من القطاع الخاص. فعلى سبيل المثال يوجد في بعض الأحياء أكثر من 10 محلات تجارية تزاول نفس النشاط، ثلاثة منها كافٍ لخدمة الحي من الناحية الاقتصادية. والسبب في وجود هذا الكم من المحلات هو وجود عمالة وافدة لديها الاستعداد للعمل لمدة 16 ساعة يومياً من أجل الحصول على 1500 ريال. وقد بدأت وزارة الداخلية مؤخراً في اتخاذ كافة الإجراءات وتكثيف الجهود لمكافحة التستر وترحيل العمالة غير الشرعية. وهذه الإجراءات ضرورية لوقف النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد الوطني ليس بسبب ضخامة تحويلات الأجانب؛ بل بسبب أن القيمة المضافة لمنح أي ترخيص جديد هي قيمة سالبة. فلا توجد أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني من منح تراخيص جديدة لمؤسسات لا تساهم في تنمية الصادرات غير النفطية، أو تخلق فرصاً وظيفية للمواطنين. والجهات التي تمنح هذه التراخيص مدركة أنها لا تستطيع مراقبة أداء هذا الكم الهائل من المؤسسات والمحلات التجارية. والتخوف من أن تبدد جهود وزارة الداخلية من خلال التساهل في منح تراخيص جديدة لأنشطة وهمية, فما يصنع بانٍ خلفهُ ألف هادمٍ؟! فمن غير المجدي أن كل مؤسسة تغلق بسبب التستر ينشأ بدلاً منها عدة مؤسسات وهمية. فادي العجاجي