بلغ حجم القوى العاملة في المملكة بنهاية عام 2008م 8,45 ملايين عامل وعاملة، وبلغ معدل البطالة 5,2%. ويتوقع أن يدخل سوق العمل خلال الخمس سنوات القادمة معظم الطلبة المقيدين في سجلات وزارة التعليم العالي والبالغ عددهم 659,9 ألف طالب وطالبة، والمقيدين في سجلات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني البالغ عددهم 83,3 ألف متدرب. وبالتالي سيكون على الاقتصاد الوطني توفير مالا يقل عن 700 ألف فرصة عمل. أما خلال الثماني سنوات القادمة فيحتاج الاقتصاد إلى خلق 1,7 مليون فرصة عمل لأن عدد طلاب المرحة الثانوية بلغ مليون طالب وطالبة في نهاية عام 2008م. ويتعذر على القطاع الحكومي توفير فرص عمل بهذا الحجم لأن حجم القوى العاملة في هذا القطاع بلغ 899,7 ألف موظف وموظفة في نهاية عام 2008م. وقد بذلت وزارة العمل خلال السنوات الأخيرة قصارى جهدها لتنظيم سوق العمل وخلق فرص وظيفية لطالبي العمل الحاليين والمحتملين. وقد ركزت في خططها على استغلال هامش ضخم من الفرص الوظيفية في القطاع الخاص الذي تمثل نسبة العمالة الوافدة فيها 86,7% (5,4 ملايين أجنبي). وبدأت برامج سعودة بعض الوظائف التي قد تناسب معظم المواطنين. لكن خطط الوزارة واجهت مشكلتين هما: ارتفاع معدلات التضخم خلال السنوات القليلة الماضية. كثرة أعداد المتقدمين للحصول على تأشيرات الاستقدام. علاج المشكلة علاج المشكلة لا يبدأ من وزارة العمل التي حاولت تنظيم عملية الاستقدام وواجهت ضغوطاً هائلة بسبب ارتفاعات معدلات التضخم في المملكة، وإنما العلاج لدى وزارة التجارة والصناعة. لقد منحت وزارة التجارة والصناعة التراخيص لإنشاء 68,4 ألف مؤسسة تجارية خلال عام 2008م، وبلغ عدد المؤسسات القائمة 763,6 ألف مؤسسة بنهاية عام 2008م، أي مؤسسة لكل 32 مقيماً (مواطن وأجنبي)، وإذا استثنينا الأجانب يكون الرقم هو مؤسسة لكل 24 مواطناً. هناك تساهل في عملية منح التراخيص للمؤسسات والمحلات التجارية من قبل وزارة التجارة وبلديات المناطق في المملكة، فالمعايير التي يتم على أساسها منح التراخيص لا تقوم على أسس اقتصادية، وإنما مجرد استيفاء شروط إجرائية مثل عقد إيجار الموقع، وصورة الهوية الوطنية، وملف ....الخ. حتى أصبح من المتعارف عليه عند العقاريين أنه يمكن تأجير أي محل تجاري في أي منطقة نائية بما لا يقل عن 3500 ريال لغرض الحصول على الترخيص واستخدامه للاستقدام. احد المشاريع الصغيرة وقد أدى ذلك إلى ضعف ربحية الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتعذر على المواطنين إدارة المشروعات الصغيرة بسبب انخفاض ربحيتها، وهو ما فتح المجال أمام العمالة الوافدة غير المدربة – وغير الشرعية في بعض الأحيان- لفرض سيطرتها على جزء مهم من القطاع الخاص، هذا الجزء هو المصدر الرئيس لتغذية الطبقة المتوسطة، وأهم الأدوات الاقتصادية لتقليص حجم الطبقة الفقيرة. في الماضي كان آباؤنا هم الذين يشغلون معظم الأعمال التي تقوم بها العمالة الوافدة، ويتوهم من يعتقد أن الجيل الحالي من المواطنين يعزف عن تشغيل وإدارة المشاريع الصغيرة أنفةً منها، فلن يكون هذا الجيل أكثر أنفةً من جيل الآباء أو من المواطنين الأمريكيين، والأوروبيين، واليابانيين، وغيرهم. لكن هذا العزوف هو نتيجة لتدني مستوى ربحية المشاريع الصغيرة بسبب أعدادها الهائلة. ارتفاع الربحية والمستوى العام للأسعار يعتقد البعض أن تقنين أعداد الرخص للمؤسسات والمحلات التجارية -المنتشرة بأعداد هائلة- سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وقد يحدث ذلك لفترة وجيزة (في المدى القصير جداً). لكن النتيجة النهائية لتقليص أعداد المؤسسات والمحلات التجارية ستنعكس على رفع الكفاءة الاقتصادية والاستفادة من اقتصاديات الحجم، وسيترتب على ذلك ارتفاع الربحية وانخفاض الأسعار نتيجةً لانخفاض حجم التكاليف الثابتة. فعلى سبيل المثال يوجد في بعض الأحياء أكثر من 10 محلات تجارية تزاول نفس النشاط، ثلاثة منها كافية لخدمة الحي من الناحية الاقتصادية. والسبب في وجود هذا الكم من المحلات هو وجود عمالة وافدة لديها الاستعداد للعمل لمدة 16 ساعة يومياً من أجل الحصول على 1500 ريال. المرحلة الانتقالية يتطلب تنظيم قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة إعداد خطة لمرحلة انتقالية يتم فيها وقف إصدار الرخص للمؤسسات والمحلات الجديدة حتى يتم الانتهاء من وضع أسس اقتصادية لمنح التراخيص. وتشجيع أصحاب المحلات القائمة على الانتقال إلى الأحياء الجديدة. وإعداد البحوث والدراسات الاقتصادية التي تشمل إعادة النظر في تخطيط المدن. هذه الإجراءات ضرورية لوقف النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد الوطني ليس بسبب ضخامة تحويلات الأجانب؛ بل بسبب أن القيمة المضافة لمنح أي ترخيص جديد هي قيمة سالبة. لا توجد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني من منح تراخيص جديدة لمؤسسات لا تساهم في تنمية الصادرات غير النفطية، أو تخلق فرص وظيفية للمواطنين. والجهات التي تمنح هذه التراخيص مدركة أنها لا تستطيع مراقبة أداء هذا الكم الهائل من المؤسسات والمحلات التجارية. تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة يبذل البنك السعودي للتسليف والادخار قصارى جهده لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتسانده في ذلك بعض مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص مثل مشروع "باب رزق جميل"، إلا أن حاجة مثل هذه المشاريع إلى خلق فرص حقيقية للربح أكبر من حاجتها للحصول على تمويل. لقد تبنى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز –حفظه الله- استراتيجية سعودة الوظائف في القطاع الخاص، وأُنشئ لهذا الغرض صندوق الموارد البشرية ليساهم في تدريب العمالة الوطنية، وبذلت وزارة الداخلية قصارى جهودها لمكافحة التستر وترحيل العمالة غير الشرعية. لكن كل مؤسسة تغلق بسبب التستر ينشأ بدلاً منها عدة مؤسسات