هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. لا بطبيعة عنوانها، ولا بتاريخية مفاهيم المجتمع منذ سنوات طويلة.. نستطيع القول إن الأمر يتعلق بها منذ تأسيس وجودها، فكان الخلل الأول هو ما ذكرته في لقاء يوم أمس من أن العامل في نشاطات الهيئة - وليس شرطاً أن يكون موظفاً - هو مواطن تقليدي المفاهيم ومتواضع التعليم، هو يعي أساليب أداء ديانة وأخلاق فاضلة أكثر مما يعي جوانب ثقافية عالية أو حتى متوسطة حول مختلف أبعاد ثقافة الدين.. هذا الواقع قد يبدو طبيعياً حسب ما كانت عليه أوضاع المجتمع من مفاهيم وبساطة معيشة وضآلة وجود مخالفات بعيدة جداً عما يحدث الآن.. لقد بقيت الهيئة بمثل ما كانت عليه قبل عشرات الأعوام، فيما كان المجتمع ذا تغيّر مستمر في مستويات مفاهيمه التي لا تتعارض مع الإسلام، لكنها تنطلق في اتساعات وعي معرفي يتزامن مع إدراك إيجابيات منطلقات اقتصادية ومؤثرات تنوير اجتماعية.. وكان إسلامياً لابد أن تتحول هيئة الأمر بالمعروف من تقليدية وبساطة ما كانت عليه إلى شمولية وعي ينافس مواقع التديّن الواعية في الدول الأخرى.. بالتأكيد يشكر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ رئيس الهيئة فيما أوجده من تطوير.. بل من تنوير معلوماتي وإعادة تشكيل واعية لمن هم جديرون بممارسة هذه المسؤولية.. ما يحدث هو ضرورة مهمة ذات علاقة بسلامة مفاهيم المجتمع خصوصاً وأننا نعاصر الآن وجود مستويات تنافس قيادي في عدد ليس بالقليل من المجتمعات العربية، واقتحمت فيها منافسات الولاء الديني.. لتوجهات سياسية.. لا عقائدية.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى لم تعد الفنون تقدم لنا تلك البراعة المتجردة من الترغيب الجنسي عندما كان يغني وديع الصافي وصباح وفيروز وعبدالوهاب وعبدالحليم وأم كلثوم وصباح فخري وسميرة توفيق وغيرهم من مطربين يقدمون أنفسهم لا راقصات تقدمهم، حيث أصبحنا الآن نشاهد في معظم الشاشات التلفزيونية عروضاً فنية لا نرى فيها المطرب وهو يقدم لنا جزالة القدرة الشاعرية أو براعة اللحن، ولكنه يتجه لنا بقدر ما تتجه إليه راقصات شبه متعريات يوزّعن براعة الاحتضان وتثنّي القامات.. هذا نمط من تعدّد انفتاحات غير مشروعة ما لم نواجهها إعلامياً واجتماعياً بجزالة حضور موضوعي وغير متعصب بما هي عليه أصول مجتمعنا من أخلاقيات هي في الأساس وفّرت حماية المرأة وتنوير مفاهيم الشباب.. هذا لن يتم بمعقولية تقبّل ما لم تكن هناك موضوعية مفاهيم ليست في تضاد مع مفاهيم الإسلام، لكنها في تضاد مع مفاهيم التخلف.. إساءة بالغة أن ينظر إلى المرأة وكأنها ماعز أو قطة شارع ما لم تغلّف وتعزل فهي مندفعة إلى الانحراف.. إننا مع الدكتور عبداللطيف آل الشيخ في مساعي تطوير كي يعم اعتبار موضوعي توجد به الهيئة وهي مستوى وعي له كفاءة القناعات والوعي.. بدلاً من العزلة في محدودية المفاهيم كما هي إلى وقت قريب..