قدم منتخب الأردن درساً بالمجان في عالم كرة القدم عنوانه العريض "الروح تقهر المستحيل" حين تفوق على المنتخب الياباني المصنف الأفضل، والمرشح الأول عن القارة الآسيوية في مشهد مهيب من جميع النواحي سواء كان من حيث الحضور الجماهيري الطاغي الذي ملأ مدرجات الملعب وساند المنتخب الأردني بحرارة عالية طيلة فترات المباراة دون توقف، وكان هو الرقم "1" داخل الميدان، أو من حيث الروح العالية للاعبين والتي تجلت بشكل يفوق حد الوصف وأسهمت قتالية عناصر المنتخب الأردني في تحقيق الفريق لمبتغاه سواء على مستوى الأداء الفني الجميل، والمنظم طيلة فترات المباراة دون تراجع أو تكاسل، ومشاطرة منتخب اليابان السيطرة على اللعب أو من خلال الخطورة التي هددت مرمى اليابان، وأكدت علو كعب المنتخب الأردني، وثقة أفراد الفريق في أنفسهم، وقدراتهم الفنية رغم الأفضلية اليابانية على الورق كما أسلفنا وهو أمر اتفق عليه النقاد، والمحللون، والمتابعون متكئون على سجل حافل للمنتخب الياباني بحصده لأربعة ألقاب آسيوية، وترشحه لكأس العالم لأربع مرات، وظهوره بالمحفل العالمي بمظهر مشرف على مستوى الآداء، والنتائج فضلاً عن اكتساحه للمنتخب الأردني في مواجهة الذهاب بستة أهداف نظيفة كانت قابلة للزيادة، كل هذه المعطيات أعطت الأفضلية المطلقة لمنتخب "الساموراني" لتحقيق نتيجة مريحه تضمن له التأهل مبكراً لكأس العالم بعيداً عن الفرق الأخرى، وحساباتها المختلفة، ولكن "النشاما" كان لهم من اسمهم نصيب وافر عندما رسموا على المستطيل الأخضر سيمفونية جميلة من الأداء الفني الراقي المليء بالروح القتالية التي أسهمت في صناعة الفارق، وتجيير كل معطيات التفوق السابقة لمنتخب بلادهم الذي سجل هدف مع نهاية الشوط الأول برأسية المبدع خليل عطية، ومع بداية الشوط الثاني ضاعف أحمد هايل ومن مجهود هايل الهدف الثاني بمجهود فردي خرافي حين استطاع تجاوز عدد من المدافعين ليواجه الحارس ثم يسكنها المرمى بثقة عالية ليشن المنتخب الياباني عدداً من الهجمات الشرسة كردة فعل طبيعية على تأخرهم غير المتوقع كان لها الحارس البارع عامر شفيع بالمرصاد إلى أن استطاع المهاجم الياباني استغلال هفوة دفاعية في العمق ليجد نفسه في مواجهة المرمى ويسجل هدف التقليص الذي ضغط على أعصاب لاعبي الأردن وتسبب في حدوث عدد من الأخطاء على منطقة الجزاء، وداخلها الأمر الذي أعطى اليابان ركلة جزاء وفرصة سانحة للتعديل ولكن الحارس الماهر عامر شفيع رفض إلا أن يخرج منتخب بلاده منتصراً بحلاوة الروح عندما ارتمى لها وأخرجها بقدرة عالية ليؤكد التفوق الأردني المستحق، والانتصار الذي نقله للمركز الثاني بسبع نقاط مستغلاً تعادل استراليا، وعمان بهدفين لمثلهما لتنتعش الآمال الأردنية بتحقيق معجزة التأهل لكأس العالم لأول مرة، وهو إنجاز غير مستبعد لمنتخب يمتلئ بكل مقومات النجاح سواء كان ذلك على مستوى الأجهزة الإدارية الخبيرة، والتي هيأت الفريق بشكل نفسي ممتاز أو على مستوى الأجهزة الفنية المتمكنة بقيادة العراقي عدنان حمد، والذي كان له بصمة واضحة على أداء المنتخب الأردني منذ أن تولى مهامه التدريبية، أو على مستوى العناصر الفردية التي سجلت حضوراً فاعلاً ومقدرة كبيرة على الأداء المنظم المقرون بالروح العالية وهي كلمة السر التي صنعت الفارق في هذا المنتخب المتمكن الذي وضع لنفسه اسماً مهماً، ورقماً رئيساً في عالم كرة القدم الآسيوية خلال سنوات زمنية قصيرة ليؤكد من جديد بأن "الروح تغلب، وتنتصر على كل العقبات".