يقول الباحث العراقي حسين اسماعيل الأعظمي في كتاب له صدر أخيراً ان ما عرف باسم «المقام العراقي» وهو ارث فني نما وتطور وعبر قرون عديدة.. كان اساسا غناء ريفيا جبليا يؤديه الرجال إلى ان تطور في بغداد وصارت المرأة تؤديه في الحقبة الحديثة وان بخوف وتردد في البداية. أضاف «من الثابت لدى المتخصصين والضالعين في المقام العراقي ان هذا الفن النبيل البعيد عن الاسفاف في اللفظ والمعنى هو فن رجولي وان علية المجتمع في مقدمة من يعشقه فلم نجد مطرباً للمقام العراقي رافقته راقصة على سبيل المثال ولذا كانت المرأة تهاب هذا الفن ولا تقربه.. «ولكن ما ان حل القرن العشرون أي حقبة التحول نحو الانفتاح في كل مجالات الحياة حتى ولجت المرأة باب هذا الفن وان باستحياء وتردد». وقال في كتابه «المقام العراقي بأصوات النساء - دراسة تحليلية فنية نقدية لتجربة المرأة العراقية في الغناء المقامي» انه ارتأى «التوقف عند ابرز المغنيات المقاميات ذوات التأثير الجماهيري في بغداد تحديداً.. فاخترت سبع مغنيات يمثلن اجيالاً متعاقبة متسلسلة وهن بالتحديد صديقة الملاية وسليمة مراد وسلطانة يوسف وزهور حسين ومائدة نزهت وفريدة محمد علي وسحر طه». وقد صدر كتاب الأعظمي الحافل بالصور والنوتات الموسيقية مع كلماتها عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» في 315 صفحة من القطع الكبير وحمل غلافه لوحة للفنان العراقي نبيل العزاوي اسمها «زرياب في حضرة الخليفة» وقد احيطت برسوم للفنانات السبع اللواتي أوردهن ابتداء بقديمات أولهن صديقة الملاية «1900 - 1970» وانتهاء بالفنانة سحر طه المولودة سنة 1963. قسم المؤلف كتابه إلى بابين جاء الأول في مقدمة وفصلين تضمن أولهما عرضاً عاماً لتاريخ المقام العراقي وتعريفاً به بينما تناول الفصل الثاني «حقبة التحول الممتدة من أواخر القرن التاسع عشر إلى العقود الأولى من القرن العشرين وعن بدايات دخول المرأة كمؤدية للمقام». الباب الثاني اشتمل على فصول ثلاثة تحدث أولها عن أبرز مغنيات المقامات في النصف الأول من القرن العشرين واقتصر الثاني على زهور حسين «1934 - 1964» وخصص الثالث لابرز المغنيات في النصف الثاني من القرن العشرين. والمقام العراقي كما قال الأعظمي يتكون من خمسة عناصر اساسية يعتمد عليها كل مقام على حدة في بنائه اللحني والموسيقي أولها هو «التحرير» والمقصود به «البداية» أو الاستهلال لغناء أحد المقامات ويأتي هذا الاستهلال غالباً بكلماات وألفاظ خارجة عن النص الشعري المغنى مثل «أمان.. أمان» أو «ويلاه.. ويلاه» وغيرهما. العنصر الثاني هو «القطع والأوصال» ويقصد بذلك التنوع السلمي أي التحولات السلمية «من السلم الموسيقي» أو الأجناس الموسيقية ضمن علاقات لحنية متماسكة والعودة دائماً إلى سلم المقام الغني..». أما الثالث فهو «الجلسة» التي تعني النزول إلى الدرجات الموسيقية المنخفضة باسلوب القرار ولكن بمسار لحني محدد ذي شكل معين..». والعنصر الرابع هو «الميانة» ويأتي غناؤها... بطبقة صوتية عالية بعد الجلسة مباشرة. والخامس هو «التسليم» أي «نهاية المقام ويأتي غالباً بألفاظ أو كلمات غنائية خارج النص الشعري شأنه شأن ما يحدث في العنصر الأول أي التحرير». ويرى المؤلف انه يصعب تحديد بداية تاريخية للمقامات العراقية إذ يشير كثير من الباحثين والنقاد والمؤرخين إلى انها قديمة جدا قدم الحضارة العراقية. وأضاف ان «الممارسات الغنائية المقامية التي لها صلة مباشرة بالمقام العراقي عموماً نجدها موجودة ومنتشرة في صورة متقاربة ومتشابهة في بيئة جغرافية واسعة الأطراف ابتداء من العراق ومعظم غرب وأواسط آسيا.... وهي كلها متفقة أو متشابهة من حيث الأساس الأدائي الغنائي للمقامات.