القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى الاستقلال    العالمي علامة كاملة    جمعية الجنوب النسائية تعقد اجتماع جمعيتها العمومية    رفع جاهزية    مساعدات إنسانيّة سعودية جديدة تعبر منفذ رفح متجهة إلى غزة    وزير الداخلية يواسي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    تركيا تعلن العثور على الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي    سفير المملكة في جيبوتي يسلّم درع سمو الوزير للتميّز للقحطاني    المدينة العالمية بالدمام ملتقى ثقافات العالم على ضفاف الخليج وبوصلة الوجهات السياحية    تألق سعودي في فرنسا.. سعود عبد الحميد يفرض نفسه في تشكيلة الأسبوع    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10540.72) نقطة    مُحافظ الطائف يتسلّم شهادة الآيزو العالمية لفرع وزارة الصحة بالطائف    أمانة القصيم تصادر 373 كيلو من المواد الغذائية الفاسدة خلال الربع الأخير للعام 2025م بمحافظة الرس    بأمر الملك.. تقليد سفير الإمارات السابق وشاح المؤسس    30 مليار ريال مبيعات التجارة الإلكترونية في أكتوبر الماضي    أمير الشرقية يستقبل وفداً من أهالي محافظة رأس تنورة    موعد إصدار أول فوترة للرسوم على الأراضي البيضاء    اتحاد المناورة يعقد اجتماعه الرابع لعام 2025    كرسي اليونسكو لترجمة الثقافات يستضيف دورة تدريبية ومحاضرة حول حفظ التراث غير المادي    برعاية وزير الثقافة.. "مجمع الملك سلمان العالمي" و"التعاون الإسلامي" يحتفيان باليوم العالمي للغة العربية    "أفاتار: النار والرماد" يتصدر صالات السينما السعودية    فيصل بن بندر يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "مكنون" لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض    "الجوازات" تصدر 17.767 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    م. الحيدري: إلغاء "المقابل المالي" يعيد معادلة كلفة الصناعة السعودية    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    القبض على شخص لترويجه 18 كيلو جرامًا من نبات القات بجازان    أكثر من 1,800,000 زيارة لتطبيق ديوان المظالم على الأجهزة الذكية    السعودية تدين الهجوم الذي استهدف أفراد من الشرطة الباكستانية بمنطقة كاراك    مدينة جدة تتوج كأفضل منظم جديد في تاريخ سباقات الزوارق السريعة للفورمولا 1    إدارة التغيير… حين يصبح الوعي مدخلًا للتحول    «قصاصات المطر»… الشعر بوصفه ذاكرة مفتوحة على التأمل    اندلاع حريق بموقع صناعي في تولا الروسية    نائب أمير تبوك يؤدي صلاة الميت على الشيخ أحمد الخريصي    جمع 31 نوعاً من النباتات البرية المحلية.. السعودية تسجل رقماً قياساً في «غينيس» ب «مخزون البذور»    نائب أمير الشرقية يهنئ مدير تعليم الأحساء    الإدارة الذاتية: استمرار التوتر تهديد لاتفاق الشرع وعبدي.. ارتفاع قتلى قصف «قسد» في حلب    تحت رقابة دولية وإقليمية وسط استمرار المعارك.. الحكومة السودانية تطرح وقفاً شاملاً لإطلاق النار    فلكية جدة: النجوم أكثر لمعاناً في فصل الشتاء    روح وريان    خربشات فكر    بين الكتب والخبز    أقر القواعد الموحدة لتمكين ذوي الإعاقة بالخليج.. مجلس الوزراء: الموافقة على قواعد ومعايير أسماء المرافق العامة    مسجد القبلتين.. شاهد على التاريخ    «الشؤون الدينية» تعزز رسالة الحرمين    «فايزر» تعلن وفاة مريض بعد تلقيه دواء لعلاج سيولة الدم في تجربة    المنظار الأنفي.. تطور علاجي في استئصال الأورام    في عامه ال100 أبو الشعوف يواصل الزراعة    كرات ثلج تحطم رقم Guinness    جدة تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة 2026    الجولة 13 بدوري يلو.. الأنوار يستقبل الباطن والبكيرية يواجه العربي    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    المشروبات الساخنة خطر صامت    نجاح أول عملية للعمود الفقري بتقنية OLIF    فلتعل التحية إجلالا وإكبارا لرجال الأمن البواسل    أمير الجوف يرأس اجتماع اللجنة العليا لدعم تنفيذ المشاريع والخدمات للربع الثالث 2025    «نسك حج» المنصة الرسمية لحجاج برنامج الحج المباشر    الكلام    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزر الإيمان عاصمة الثقافة الإسلامية

إن مكانة الشيء إنما تكون من ذاته أو بما اتصف به من كمال وجمال أو بما يحيط به أو يجاوره أو ما ورد عنه. وهكذا كانت المدينة المنورة، فقد اجتمع لها كل ذلك وحسبنا في مكانتها وخصائصها العديد من الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكفي أن نذكر من القلادة ما أحاط بالعنق، فهي حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرض جهرته، وقبة الإسلام، ومأرز الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومبوأ الحلال والحرام»، وهي المدينة التي شهدت أول ميثاق تعايش وحوار على وجه الأرض، حيث وقع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مهاجره ما سمي بوثيقة المدينة بين طوائفها وأعراقها المختلفة التي تعتبر أول دستور مكتوب لدولة ناشئة في العالم لتوافر أركان وخصائص وعناصر الدساتير فيه.
لقد انبثقت الثقافة الإسلامية من طيبة الطيبة وتأصلت مصادرها قرآناً وسنة فوق ثراها، وتأسس المجتمع المدني على بصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعه، وفق المنهج الإسلامي الشامل، فجاء إثر ذلك على جميع نواحي الثقافة، الدينية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية، فقد حرص عليه الصلاة والسلام على نشر العلم، ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم اللغة العبرية، كما جعل - عليه الصلاة والسلام - فدية الأسير المتعلم من الكفار مقابل فك أسره هو أن يقوم بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، لذلك كله كانت المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى وهي منبع العلم ومنها شع النور إلى باقي المدن، لذلك كان يقصدها كثيرون لأخذ العلم عن أهلها.
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقطع ذلك النشاط العلمي الثقافي في المدينة، بل توسع وازداد في المدينة وخارجها خاصة مع ازدياد أعداد من هاجر إلى المدينة من المسلمين من شتى أنحاء الجزيرة ليستقر بها فهي لا تزال عاصمة الإسلام الأولى حتى ذلك الحين، وبعد خروج الصحابة - رضي الله عنهم - في الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام وإبلاغ سماحته إلى أرجاء العالم، واستقرت أعداد منهم في البلاد المفتوحة، ونقلوا نسخة مصغرة عن ذلك النشاط الثقافي في المدينة إلى تلك البلدان، وصارت مجالسهم وحلقهم منارات علم، ومعاهد يزورها طلاب الحديث النبوي والثقافة الإسلامية.
وخلال عهود الخلفاء الراشدين الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، عليهم رضوان الله أجمعين، شهدت المدينة المنورة تفسير علماء الصحابة للقرآن الكريم، وهو التأصيل الأولي لعلم التفسير، ورويت السنة النبوية على يد الصحابة، وبدأ التأسيس لكثير من العلوم الإسلامية، كعلم القراءات والفقه والسير، وباتت المدينة المقصد الأول لطلاب العلم من شتى أرجاء الدولة الإسلامية، التي بلغت في مداها الشرق والغرب، وكان حلم كل طالب علم أن يسافر إلى المدينة، عاصمة الدولة الإسلامية، ليدرك البقية الباقية من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة ليأخذ عنهم مباشرة ومن دون واسطة، فبرز في المدينة نشاط علمي منقطع النظير، خاصة في المسجد النبوي الذي اكتظ بحلقات العلم في شتى الفنون والعلوم، وكان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يجلسون لرواية الحديث والإفتاء والقضاء، حيث استفاد من عملهم الآلاف، وصارت سواري المسجد النبوي مواقع للقراء والمحدثين والفقهاء، وغيرهم من العلماء، يتحلق حول كل منهم مجموعة من الشغوفين بالعلم يسمعون، ويكتبون ويسألون ويجابون، يقصدها العلماء والمتعلمون من المدينة أولاً، ومن كل قطر إسلامي، فقلما تقرأ سيرة عالم نابه ولا تجد فيها أنه شد الرجال إلى المدينة، وجلس في مسجدها وأخذ عن علمائها.
وفي عصرنا الحاضر فإن للمدينة المنورة دوراً كبيراً في نشر الثقافة الإسلامية برعاية كريمة من ولاة الأمر، فقد تأسست فيها الجامعة الإسلامية ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف، ومركز السنة والسيرة، وجامعة طيبة، وتزخر المدينة بكثير من المدارس التي لا يكاد يخلو منها شارع، ولايزال المسجد النبوي يواصل عطاءه العلمي والثقافي إذ يضم عشرات الحلقات العلمية لعلماء كبار، وعدداً من الحلقات الموسمية للحجاج والزوار بمختلف اللغات، إضافة إلى مكاتب التوعية والإرشاد والإفتاء المنتشرة في جنبات المسجد وفي المنطقة المحيطة به، وفي مواقع معالم المدينة المنورة التاريخية، أقول لم تقدم مدينة على وجه البسيطة ما قدمته طيبة، مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للثقافة الإسلامية وللإسلام بعامة، ويكفي أنها كانت مأوى النبي وصحبه، وملاذ الدعوة الأولى، في ربوعها نزل الوحي وهشدت سيرة وأيام النبي والخلفاء الأربعة من بعده، وفي اختيار مدينة رسول الله عاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام أمر غير مستغرب، بل عودة الشيء إلى مكانه.
وإن جاء هذا الاختيار متأخراً إلا أنه لاقى اهتماماً كبيراً من ولاة الأمر لتظهر المدينة في حلة ثقافية رائعة، تبرز سماتها وخصائصها في القديم والحديث، فقد دشن ولي العهد أمير الثقافة والتاريخ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - فعاليات هذا الاحتفال، الذي ستشهد أكثر من 400 فعالية من الأنشطة والبامج الثقافية العلمية مشتملة على مؤتمرات وندوات ومحاضرات ومسابقات تبرز من خلالها المكانة الثقافية والحضارية للمدينة المنورة، وإضفاء وهج ثقافي وعلمي يليق بموقع ومكانة المدينة النبوية، في أكثر من 30 موقعاً بالمدينة المنورة.
وتضم الفعاليات معرضين أحدهما بعنوان محمد رسول الله، وسيكون على مقربة من المسجد النبوي الشريف، يتناول السيرة العطرة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فيما يتناول المعرض الآخر تاريخ المدينة المنورة إضافة لعرض فيلم وثقائقي بعنوان «المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية»، وندوة بعنوان «كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم.. مع الطفولة والمراهقة والنضج»، وأخرى بعنوان «شبابنا الملم والتطلعات» إلى جانب المتحف التاريخي للتعليم بالمدينة المنورة وافتتاح دار القلم التاريخي للخط العربي.
ولعل من حسن الطالع أن يأتي هذا العرس الثقافي لهذه المدينة الحالمة الوادعة، في أحضان التاريخ والمجد مع بداية تولي صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان إمارة منطقة المدينة المنورة، الذي بذل ويبذل جهداً كبيراً في سبيل تحقيق هذه الفعاليات لأهدافها وغاياتها وإخراجها بالصورة التي تليق بمكانة المدينة المنورة، ليكمل مسيرة من سبقه من أمراء هذه المنطقة الغالية على كل مسلم، بشكل عام، وعلى أبناء هذا الوطن بصفة خاصة.
فجزى الله الجميع خير الجزاء على ما يبذلونه لإظهار هذا الحدث بما يليق بهذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وأمده بالصحة والعافية وطول العمر الذي تشهد المدينة المنورة في عهده أعظم توسعة للمسجد النبوي الشريف على مر العصور.
* وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.