ظهرت نتائج الثانوية العامة، وازدادت أعداد العاطلين إما بسبب ترك الدراسة والبحث عن وظيفة، واختصار الطريق، أو بعدم القبول في الجامعات، والكليات، لضعف المجموع الدراسي. وفي كلتا الحالتين تظل الأعداد متزايدة. يضاف إليها خريجو الجامعات الذين يتخرجون هذا العام دون الحصول على وظائف مناسبة، أو تسد الرمق. ويسبقهم جميعاً أعداد هائلة من خريجي الجامعات والثانوية للسنوات الماضية، والذين لازالوا يبحثون عن عمل مناسب، ولاتزال الأبواب تقفل وجهها أمامهم لعدم وجود وظائف. الكارثة ان خريجي الجامعات أصبحوا يقاتلون على وظيفة جندي وهي المخصصة لخريجي الثانوية، بعد أن كانت ذات زمن مخصصة للكفاءة، وقبلها لخريجي الابتدائية، وقبل عشرات السنين، لمن لا يحمل مؤهلاً تعليمياً. هذا القتال على هذه الوظيفة المحدودة الدخل تعكس الأعداد الهائلة للعاطلين عن العمل من الجنسين، والذين اصبحوا عالة على أسرهم، وبالذات عندما يكون في المنزل أكثر من شاب أو شابة متخرجين وباحثين عن العمل، لتتخيل كم الكآبة في المنزل والتوتر، والقلق، والضغط النفسي الذي يواجه الأسرة، وهي ترى هؤلاء الأبناء والبنات يدخلون ويخرجون بالملفات العلاقي، أو يشترون أعداداً هائلة من الملفات لتوزيعها في أكثر من مؤسسة. رغبة منهم في الفوز بواحدة منها. ولنتخيل الهم المادي لشاب وشابة على رب أسرة فرح كثيراً بتخرج الجميع، وانطلق في أحلام اليقظة التي حملته إلى معايشة مبدأ الهم، ليتحول إلى مبدأ الحق الطبيعي لأبنائه في الحصول على وظيفة ولا يهمهم إن كانت خاصة، أو عامة. ومثال خريجي الجامعات على وظائف جندي لم تعد في هذا الزمن الصعب كارثة تقف على أبواب الحظ لأن أي وظيفة أحسن من لا شيء، ولتبقَ شهادة الجامعة في الأدراج بعد أن أصبحت لا معنى لها، ولم تساهم في فتح أبواب الوظائف المأمولة، التي طالما حلم بها الشاب قبل تخرجه ولكن حتى هذه الوظيفة أصبح قبولها مرهوناً بتنازل الجامعي عن شهادته الجامعية كما صرح مدير معهد الجوازات في الرياض منذ حوالي الشهر لصحيفة الحياة زيد بن حسين الطريقي. (انه على الجامعيين المتقدمين لوظيفة جندي إفساح المجال أمام الأعداد الهائلة من خريجي الثانوية العامة وأكد ان المتقدمين الذين يحملون شهادات جامعية ودبلومات تقنية ينسحبون قبل أو أثناء الدورة عندما يجدون فرصاً أخرى يفضلونها على هذه الوظيفة. وأكد العميد الطريقي انه لا يوجد أي مانع من قبول حملة شهادة البكالوريوس أو خريجي الكليات التقنية، شريطة توقيع إقرار بالتنازل عن مؤهل ما فوق الثانوية العامة ومعاملتهم وفق الشهادة المطلوبة للتقديم وهي الثانوية العامة). انتهى كلام العميد، ولكنه لم يذكر بعدها كم عدد المتقدمين الذين تنازلوا عن مؤهلاتهم، ولم يقبلوا أيضاً لعدم تطابق الشروط اللازمة لقبول وظيفة جندي عليهم، علماً ان عدد الوظائف المتاحة 280 وظيفة ولم يوضح في تصريحه كم تقدموا. والواقع يقول ان 6000 مواطن تقدم إلى الوظيفة، وكما نشرت إحدى الصحف أن الشباب تقدموا منذ الساعة الواحدة فجرًا، من جميع أنحاء المملكة لوظيفة لا يتجاوز راتبها 2500 ريال وكم كانت الصورة محزنة لطوابير من الشباب يقفون بالآلاف في انتظار الحصول على الوظيفة التي لا يعلم متى تم الانتهاء من الاطلاع على 6000 آلاف ملف، ومن الذين فازوا؟ شباب الثانوية؟ أم خريجو الجامعات؟ أم الدبلومات التقنية؟ وأي المناطق فازت بالعدد الأكثر من المقبولين لهذه الوظيفة التي رغم ان إعلانها يقول لخريجي الثانوية إلا من تقدم إليها حملة البكالوريوس. كارثة البطالة التي تطال مئات الألوف من الشباب كارثة تهدد المجتمع ولابد من إيجاد الحلول المناسبة لها من خلال تقليص أعداد العمالة الوافدة، ومنح الشباب السعودي الثقة، مهما كانت البدايات صعبة، فلا يمكن أن يتواجد ملايين العمال لدينا من العمالة الوافدة التي تحصد العملة الصعبة لبلادها، مقابل أعداد هائلة يبحثون عن عمل من الشباب الذي قد يلجأ إلى التعايش مع الفراغ، ومن ثم معايشة المشكلات، ومن ثم الانحراف والجريمة، والأمراض النفسية. وبالتأكيد ليست مشكلة البطالة مشكلة خاصة بنا بل هي على مستوى العالم، ولكن كما جاء في نشرة الاقتصادي التي يصدرها مركز المعلومات في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي ان عدد الباحثين عن عمل في الدول الخليجية في العقد القادم قد يبلغ 7 ملايين شخص، وان معدل البطالة في العالم العربي يعتبر الأعلى على مستوى العالم حيث بلغت نسبته قرابة 15٪ من اجمالي عدد السكان. ولكن ما لم يذكره التقرير ان على الحكومات مواجهة مشكلة البطالة وتوفير الوظائف للمواطنين الذين يدخلون سوق العمل سنوياً ودراسة المشكلة واستيعابها.