مجلس الحيّ حين تنبعج وتتمدد مساحة العواصم والمدن الكبرى وتصبح المدينة الواحدة عبارة عن عدة مُدن متداخلة كحال حبيبتنا الرياض يصعب على الأجهزة الخدمية فيها وخصوصاً الأمنية بسط كامل نفوذها. من هنا يبدأ دور سكان المدينة في المساهمة مع بقية الأجهزة بإدارة شؤونها والحفاظ على أمنها وسلامة مرافقها ومنشآتها. سأُعطي مثالاً من أمريكا؛ حيث رأيت كيف يساهم أهل الحيّ في حراسة منطقتهم بالرغم من وجود شرطة يقظة، قوية وسريعة الاستجابة. في بداية السبعينيات الميلادية برزت في الولاياتالمتحدةالأمريكية فكرة التعاون تطوعياً مع الشرطة المحلية لمراقبة الأحياء (Neighborhood Watch) وهي أحد برامج مكافحة الجريمة والمساعدة في جمع المعلومات عن المجرمين واللصوص والإبلاغ عن المطلوبين. يُشرف على البرنامج مركز الشرطة المسؤول عن أمن وحماية الحي ويقوم بتدريب المتطوعين على مهارات الحراسة وسرعة الإبلاغ وتمرير المعلومات. يُعطى المتطوع خيار اختيار الوقت المناسب له وعدد الساعات التي يستطيعها لأداء هذه الخدمة. يختار المتطوع أيضا نوعية المراقبة إما بالحضور إلى المواقع المخصصة في مداخل الحي ومخارجه أو من خلال المراقبة وهو في منزله. أثبت البرنامج على مدى السنين فعالية قصوى في مساعدة الشرطة على السيطرة الأمنية وسرعة الوصول إلى الجناة. في بلادنا تقوم الدوريات الأمنية بالمراقبة أثناء مرورها السريع على الأحياء ولكن مهما كان عددها وعدتها إلاّ أنه لا يمكن بأيّ حال تغطية كل مربع فيها وفي وقت واحد ليل نهار. إذاً ما هو المانع في تبني مثل هذه الفكرة على أن يتم قبل ذلك إنشاء مجلس محليّ في كل حيّ يضم في عضويته المتطوعين وخصوصاً المتقاعدين منهم أولئك الذين يملكون الوقت والخبرات المتنوعة. يُوكل للمجلس وإدارته مهمة نقل متطلبات وشكاوى أهل الحي إلى فروع البلدية ومراكز الشرطة وغيرها من الأجهزة الخدمية وفي نفس الوقت يتعاون معها في تمرير تعليمات وتنظيمات تلك الأجهزة إلى الأهالي. إن في تعزيز الانتماء للمجتمع الصغير المتمثل في الحي تعزيزاً للانتماء للمدينة والمنطقة ثم للوطن الغالي، وما أحوجنا في هذه الأيام لمثل هذا الولاء والانتماء.