هناك أماكن ترتاح لوجودك بها وإن كانت بسيطة تفتقد الفخامة؛ وهناك أماكن أخرى لا ترتاح لوجودك بها رغم فخامة أثاثها ورقي ناسها.. أين يكمن سر هذا الارتياح؟ لاسيما إذا كان المكان جديداً لا يحمل في طيات ذاكرتك أي أحداث جميلة في حالة الارتياح أوسيئة مؤلمة في حالة الانزعاج.. ما الذي يحدث؟ هل سبق لك أن زرت المدينة المنورة؟ شعور لا يوصف بالراحة والطمأنينة لماذا من السنة أن ننام ورأسنا جهة القبلة؟ لماذا علينا أن نتجنب استقبال القبلة عند قضاء الحاجة؟ ما الذي يجعل الأماكن المهملة أو المهجورة تصبح موحشة كئيبة؟ ما الذي يجدد داخلنا الطاقة والنشاط والمتعة حين نرى الطبيعة والمناظر الجميلة؟ هل هي متعة ما تراه العين من جمال؟ بمعنى أن الضرير مثلاً لا يشعر بالراحة وسط الطبيعة؟ هذا ما يسمى طاقة المكان والذي إما أن يجعلك مبتهجاً أو على العكس وتحديد ذلك يتم من خلال عدة أسباب منها؛ الألوان قال تعالى "صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ"، وحقيقة علمية أثبتت أن اللون الأصفر يبعث في النفس الفرح والسرور وعلم الألوان علم قائم بذاته وله علماؤه ومتخصصوه الذين يجعلون في المكان ما يلزم نفسيتك فيه من خلال اختيار اللون المناسب؛ فعلى سبيل المثال اللون الأحمر يثير الأعصاب ومنشط قوي يرفع ضغط الدم في الجسم لذلك علينا تجنبه في الأماكن التي نحتاج بها للاسترخاء والراحة على عكس اللون البنفسجي الفاتح ومن أراد الاستزادة من هذا العلم فالأبواب مفتوحة لترشدك إلى جعل منزلك موسوعة من الراحة والسعادة والأمر غير مكلف فلا علاقة لنوعية الأثاث وفخامته بالموضوع؛ المسألة تتعلق بالألوان فقط. كذلك موقع المكان مهم حيث يعتبر وجود دورة المياه على سبيل المثال داخل حجرة النوم وضعاً سيئاً من ناحية الطاقة حيث نتعوذ عند دخولنا "الحمام" من الخبث والخبائث ونجعله الأقرب إلى مكان استرخائنا وهدوئنا؟! كيف نوجد طاقة سلبية في وسط مكان أحوج ما نكون به للطاقة الإيجابية التي نمسي ونصبح عليها..؟ أيضاً للأشكال الهندسية علاقة وطيدة بنفس الموضوع واكتشفوا ذلك بأنفسكم من تجربة بسيطة تؤكد أن للشكل الهندسي علاقة وطيدة بالمجال الطاقي للمكان؛ فالشكل الهندسي يحافظ على ما تحته من نباتات لأطول فترة ممكنة وهي تجربة بإمكان أي شخص القيام بها ليرى كيف أن نفس النوعية والحجم من النبات تذبل بعد أيام قليلة من عدم سقيها في حين تبقى النبتة تحت الهرم تقاوم العطش والجفاف. في علم "الفونج شوي" وتعني الماء والريح يسهب العلماء في شرح تفاصيل هذا الأمر واكتشاف أسرار راحتنا في أماكن معينة دون غيرها. الترددات والذبذبات المنبعثة داخل المكان لها علاقة أيضاً بطاقة المكان فالذبذبات الكهرومغناطيسية والكهربية قادرة على خلق داخلك توتر عالٍ يؤثر حتى على ساعات نومك وطريقة تفكيرك على عكس أشعة الشمس التي تعتبر علاجاً لمرضى الاكتئاب، أيضاً الذبذبات التي مصدرها أحاديثنا ستجعل من المكان إما انزعاجاً وتوتراً وإما سكينة وهدوءاً؛ انظر إلى شعورك في مكان يتلى فيه القرآن الكريم أو يحتضن ثقافتك ودراستك ثم قارنه بمكان آخر يدور فيه الغيبة والنميمة أو أصوات الغناء والطرب.. أين تجد سكينتك وسلامك الروحي؟ اختصار حديثي أنه مثلما نشعر بالطاقة الإيجابية أو السلبية لبعض الأشخاص كذلك الأماكن.. أورد الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار) صحيح البخاري - كتاب الجهاد والسير.