تمر بجانبه وربما بعيداً عنه ولكن نظراته تسبق خطواتها.. ينظر إلى عباءتها، ونقاب وجهها، وظل عيونها، وأطراف أيديها، وربما أقدامها.. يلتفت ليرى جنساً آخر قريباً منه في منزله، ولكنه بعيداً عنه خارجه، وكأنه لم ير أحدا قبلها، ولا يريد أحياناً.. وتتواصل النظرة تلو الأخرى؛ مقسمة بين إعجاب، وإثارة، وفضول، و»قلّة أدب» أحياناً، وتستمر حتى يقسم الله فراقاً مع أول ممر، أو طريق، أو إشارة اللون الأخضر، وقد يكون الفراق على طريقة «خجّله وافضحه». ويبقى السؤال: لماذا يلتفت الرجل الى المرأة مذهولاً و»ملقوفاً» حينما يراها؟ ويصر أن «يبحلق» عيونه في جسدها؟ ويستمر في نظراته من دون توقف إلاّ حين يكون الرد قاسياً بعيونٍ غاضبة، أو «لسان سليط»، أو ثقة زائدة «طنّش الولهان»؟ الإجابة في السطور التالية: العنود والجوهرة وأم عبدالله يتحدثن للزميلة أسمهان الغامدي كل ممنوع مرغوب! في البداية ترى "العنود": أن الفصل المستمر بين المرأة والرجل وحجب كل جنس عن الآخر وكأن أحد الجنسين رذيلة؛ خلق لدى الرجل شغفا برؤية المرأة دون هدف، وربما التحرش بها؛ بسبب أن الأمر الممنوع مثير للفضول دائماً، خاصة حين يكون المنع في الأماكن العامة بدون أسباب مقنعة. وقالت: "غالبا الرجل لا يرى إلاّ محارمه، وقد يتجاهل وجود النساء في مقر عمله -إن وجدن- وذلك كي لا يتسببن له في أذية في مصدر رزقه، ولكن في الأماكن العامة يرتفع سقف الحرية لدى الرجل (ما حد يدري عن أحد)؛ فيأخذ راحته بالنظر لتلك الممنوعة عليه، ويتفحصها جيداً بالنظرات طولاً وعرضاً، ثم ينتهي الموقف، أو يتطور إلى تحرش لفظي، وربما سلوكي وهو الأخطر"، مؤكدة أن الوعي أساس التعامل بين الجنسين، والأخلاق والثقة يدعمان ذلك من دون مضايقة جنس لآخر. شبان يتسوقون بنظراتهم أكثر من قضاء حوائجهم تركي الملافخ: مظهر المرأة ملفت واتفقت معها "الجوهرة" من أن ما ينطبق على الرجل ينطبق كذلك على المرأة؛ فالعادات والتقاليد وندرة الاختلاط؛ جعلت كل جنس مثير لفضول الجنس الآخر، ولكنه عادة يكون أقل بالنسبة للمرأة، وأكثر ستراً من الرجل؛ بسبب الغطاء والنقاب الذي يُحجب عن الجنس الآخر هويتها الأساسية، وبالتالي لا يُعرف من هي إلاّ من خلال ما تعرفه هي عن نفسها، مشيرة إلى أنه من الممكن أن تؤذي الرجل بنظراتها وتتبعها له بهدف إشباع رغبة داخلية تسير على قاعدة (كل ممنوع مرغوب) وتزيد "أم عبدالله" من أن الفضول هو السبب الحقيقي خلف نظرات الرجل للمرأة؛ فالفتاة خارج نطاق أسرة الرجل تكون مختلفة فيسعى لرؤيتها ومقارنتها بمن يستطيع أن يرى كتصرف طبيعي نتيجة الكبت والفصل الاجتماعي الذي يعانيه شبابنا. يوسف الناصر: العقل وليس الجسد مظهر ملفت! بينما الشاب "تركي الملافخ" يرى أن المظهر الملفت للمرأة هو السبب الرئيس خلف تتبع الرجل بنظراته للمرأة، خاصة أن الفطرة هي المحرك الأساس بين الجنسين، كما أن المرأة هي النصف الآخر لدين الرجل؛ فمن الطبيعي أن تكون مثيرة له ويحرص على تتبعها، مشيراً إلى أن الموضوع لا يقتصر على الرجل السعودي فقط أو الخليجي، بل هي قاعدة عامة على الجميع من دون استثناء. ويتفق معه السيد "يوسف الناصر"، مضيفاً أن المرأة تلفت انتباه أي رجل؛ فالكبت والعزل الاجتماعي الذي مرّ به المجتمع سبب رئيس خلف الشغف الحاصل من كلا الجنسين. منيرة الفيصل: نحتاج إلى وقت ووعي وأشار إلى أن المجتمعات المنفتحة التي تعاملت مع الجنسين كعقل لا جسد لم تعان مثلما يعانيه مجتمعنا بمنظوره الضيق أن المرأة فتنة، ولذلك هي شيء محظور عليه؛ فمن الطبيعي أن يلاحقها الرجل بنظراته، وأن تكون محل اهتمامه، داعياً إلى مزيد من الانفتاح الواعي المسؤول في التعاطي بين الجنسين من دون إساءة أي طرف للآخر، أو حتى الشعور بالخطر، أو ارتكاب الخطأ أمامه، مؤكداً على أن الفصل ببين الجنسين في الأماكن العامة ترك باب الفضول واسعاً بينهما. غنيمة وذئب! وأرجعت "منيرة الفيصل" أسباب نظرة الرجل إلى المرأة إلى التربية التي كرّست ثقافة العيب بالمجتمع، وارتباطها بالمرأة للرجل بدون تفسير منطقي لهذا الفصل؛ مما يجعل من المرأة سببا للفت انتباه الرجل كأن تكون جريمته التي سيعاقب عليها بمجرد اقترابه منها، مشيرة إلى أن ثقافة وجود المرأة مع الرجل في مكان واحد عادت مجدداً من وقت قريب، وهو ما يحتاج إلى وقت حتى يعتاد كلا الجنسين على التواجد المستمر بينهما وعندها تزول "نظرة الفضول". وتفسّر "منيرة الزيد" نظرة الرجل للمرأة على أنه نتاج ثقافة مجتمع تربى عليه الرجل من أن المرأة غنيمة، والأمر كذلك بالنسبة للمرأة حين تربت على أن الرجل هو الذئب البشري الذي سيفترسها في أي وقت، وهو ما جعلها مترصدة ومترقبة لأدنى فعل من ذلك الرجل حتى تبدي ردة الفعل الدفاعية لحماية نفسها منه، مشيرة إلى أن المجتمع حينما يتعامل مع المرأة كفكر وعقل بعيداً عن الجسد؛ سيتقبل الرجل وجودها من دون أن يلاحقها بنظرات "مسمومة"، وإذا كان لا يزال ينظر إليها بلغة الجسد ستتطور النظرة إلى ما هو أشد وهو التحرش، وهو ما يدعونا إلى التأكيد على ضرورة تنمية الوعي في التعامل بين الجنسين، والخروج من دائرة الفضول والشك والتحرش إلى بناء الثقة والتعامل بسمو الأخلاق.