لمَ أصبح توظيف النساء في المحلات قضية شغلت وستظل تشغل الرأي العام، حتى أصبحت مجالسنا لا تخلو من حديثٍ عن فساد يتبعه اختلاط فتحرش!! هل هو قصور في الوعي؟ أم خلل في التشريعات والتنظيمات؟ أم رفض لكل جديد غير معتاد؟ الفترة الماضية شهدت جدلاً بين أطراف عدّة، كان الطرف الثابت فيها وزارة العمل، الجدل الأول مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجدل الثاني مع أشخاص يقرّرون " متى شاؤوا " أن يقابلوا وزير العمل ويوثقوا تجمّعهم أمام الوزارة وطريقة دخولهم أفواجاً، ويجب على الوزير أن يستمع لما يريدون ثم ينصرفوا، وإن اعتذر عن مقابلتهم لجدول أعماله وصفوه بالجبن والخوف!! وزير العمل ورئيس الهيئات أنهيا الجدل الأول خلال الأسابيع الماضية حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة العمل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حول توسيع فرص عمل المرأة وبنود تأنيث المحلات النسائية، تضمنت بنودا عدّة، منها تأنيث جميع محلات بيع المستلزمات النسائية وتخصيصها لعمل النساء لتقديم الخدمة لمثيلاتهن فقط، وفصل الأقسام النسائية في المحلات الكبيرة متعددة الأنشطة بحاجز لا يقل ارتفاعه عن 160 سم، وإلزام المحلات المخالفة بتصحيح أوضاعها خلال مدة شهر من تاريخ التوقيع على أن تتم بعد ذلك محاسبة من لم يتقيد من قبل الجهات المعنية كلٌ وفق اختصاصه النوعي، وأن على كل عاملة تتعرض لمضايقة أو ابتزاز سواء في بيئة العمل أو من المتسوقين الاتصال بمركز الهيئة المعني أو الجهات الأمنية لمساعدتها وحمايتها.. إلخ. ولكن هل انتهت القضية بتوقيع هذه المذكرة؟ اسمحوا لي أن أقول انها لم تنتهِ بل انتهى فصل من الجدل وبقيت فصول عدة، وذلك لأن المذكرة لم تشمل كافة الجوانب، حيث سيخرج من سيعترض على مكانهم في المحلات الكبيرة هل يكون في مقدمة المحل أو في إحدى زواياه ويطالب ويتهم!! حتى وإن تم تنفيذ البنود كافة ورفعت قضية تحرش للهيئة وأحيل المتحرش للقضاء وصدرت الأحكام، فسندخل في جدل ضعف الأحكام القضائية وتباينها واستقلال القضاء!! ماذا لو لم يلتزم أصحاب المحلات ببعض البنود المتعلقة بالتجهيزات المكانية؟ وأعلنوا بأنهم منحوا ترخيص المحل من الأمانات أو البلديات بعد أن استوفوا كافة شروط المنح؟! وبأن أي إجراء يراد تنفيذه يجب أن يتم قبل منح الترخيص لهم، هل تملك وزارة العمل أو الهيئة إغلاقها؟ أم ندخل في جدل الإغلاق اختصاص من؟ وهل هو قانوني ونظامي أم إجراء تعسفي لا يستند إلى نظام؟ أسئلة كثيرة وجدل لن ينتهي وستبقى المذكرة الموقّعة جسدا لم تكتمل أطرافه، حيث كنت أتمنى أن يكون هناك قانون شامل وواضح لآلية بيع النساء في المحلات وليس مذكرة تفاهم، قانون يسهم في إعداده وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية بالإضافة إلى وزارة العمل والهيئة يشمل كافة الجوانب، منها التجهيزات المكانية وساعات العمل وزيّ العمل وآلية رفع بلاغات التحرش، هل تتقدم العاملة السعودية ببلاغها مباشرة، أم يكون البلاغ من صاحب المحل مرفقاً به تسجيل فيديو للواقعة إن وجد، وهل هو اختصاص الهيئة أم مراكز الشرط ؟ وماهي عقوباته سواء التحرش اللفظي أو الجسدي وغيرها من الجوانب التي أتمنى أن يشملها القانون ليكون شاملا ووافيا، ليتم إنهاء هذه القضية وحفظها دون الرجوع إليها مجدداً.