هل ستتوقف المضايقات وغيرها من أشكال التحرش الجنسي التي تتعرض لها النساء العاملات في المحلات التي تبيع المستلزمات النسائية، بعد مذكرة التفاهم حول توسيع فرص عمل المرأة، وبنود تأنيث المحال النسائية التي وقّعها رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزير العمل؟ فبموجب هذه المذكرة على جميع المتاجر التي تعرض مستلزمات كلا الجنسين أن تقيم حواجز ارتفاعها 160 سم كجدار عازل يفصل بين الأقسام النسائية عن غيرها من الأقسام. وبهذا الاتفاق أُزيح سوء التفاهم بين وزارة العمل المتحمسة لتأنيث هذه المحلات وبين الهيئة التي كانت ممانعة لهذا التوجه. وقد أُعطي لهذه المحلات مدة شهر كي تعدل أوضاعها، وتوجِد البيئة المناسبة المتوافقة مع الشرع والعادات والتقاليد. إنه من المتفق عليه أن المضايقات وغيرها من أشكال التحرشات التي تتعرض له المرأة تعدّ سلوكاً دنيئاً في جميع أنحاء العالم وليس قصراً على بلاد بعينها، وهو بالإضافة إلى أنه مرفوض اجتماعياً فهو ليس وليد اليوم، ولا هو نتاج عمل المرأة في هذه المحلات، فقد وُجد قبل أن نبتكر فكرة تأنيثها، وخير من يؤكد ذلك هي الهيئة التي يقوم رجالها بمراقبة الأسواق والحدائق وغيرها من الأماكن العامة، راصدين بذلك كل شاردة وواردة قد تبدو معاكسة أو إغواء. وبالتالي نستطيع القول إن هذه المحلات التي حظيت المرأة بفرصة العمل فيها، لم تكن البيئة الذي نبتت فيها هذه المضايقات التي جعلت الهيئة تتحرك للحد منها، بل إن أماكن العمل المشتركة هي من أقل الأماكن التي تتكرر فيها مثل هذه الأفعال، على الأقل بسبب أن معظم هذه المحلات لديها كاميرات مراقبة تتيح للمسؤول متابعة سير العمل، والتأكد من أن جميع العاملين معطون للعمل جُل وقتهم وعنايتهم وليس لمضايقة زملائهم. ولكن هناك من يرى غير ذلك، ويرى أن عدم وجود حواجز تعزل البائع عن البائعة هو أحد أسباب عزوف بعض النساء عن العمل في هذه المحلات، بل وحتى تركهن إياه، لأنهن دون هذه الحواجز يكنّ عرضة للمضايقات والمعاكسات. من غير المستبعد أن يتعرّض بعض من النساء في أماكن عملهن للتحرشات التي تدفعهن للاستقالة، ولكن هل هذا يعدّ السبب الأول أو الرئيس لترك العمل، واختيار البقاء في المنزل دون عمل، خاصة إذا كان هناك قانون يحمي المرأة من أشكال التحرش كافة؟ إن وجود قانون يعرف التحرش الجنسي ويصنف أنواعه ويحدد العقوبات لكل منها ويحفظ للمرأة خصوصيتها حين التقدم بشكوى، يعدّ من أكثر السبل فعالية في التصدي لهذا السلوك الشائن. وهو ما يجب أن تسعى إليه الهيئة والوزارة قبل كل شيء كي تتوفر الحماية الكافية للمرأة العاملة وغير العاملة من أي مضايقات مهما كان تصنيفها، وأن لا تترك معالجة هذه الحالات إلى اجتهادات الأفراد، بما في ذلك رجال الهيئة، الذين مهما كانت خلفيتهم وسعة معرفتهم، إلا أنهم ليسوا برجال قانون أو قضاء.