أكد الدكتور محمد مفتاح أن الخطاب النقدي الأدبي المعاصر، من خلال "وصف النظر إلى الآخر" من خلال العديد من المفاهيم النقدية التي شاعت عبر المقاربات النقدية لدى النقاد المغاربة، بعيدا عن الحصر، نظرا لما تعكسه هذه النظرة من مستويات نقدية تعاملت معها من جانب، ولاختلاف وجهة تساؤل الباحث وأسئلته الوصفية عبر ما يقوم به من دراسات تقوم على المفاهيمية أو التعريفات الإجرائية التي من شأنها أن تحدد وجهة كل ناقد .. مستعرضا عبر دلالات اللغة التي شاع عبر مفاهيمها الخطاب النقدي عبر ما وصفه من درجات تطور، أدى إلى ظهور مفاهيم نقدية تأويلية مختلفة. ومضى مفتاح في حديثه المفاهيمي من خلال منظورين، أولهما عن الاتجاه "الحدسي" الذي يعتبر فطريا شائعا في اللغة ومتطورا بشكل تلقائي في اللغة عبر الفكر والحضارات.. وصولا إلى الاتجاه الثاني الذي وصفه بالاتجاه المعياري الذي يتطلب نقدا معتمدا على أعلى درجات المعرفية المنضبطة بشروط علمية مؤسسة على قانون يخرجه عن التجريبية التي تجعله ينصرف عن الشكلانية إلى ما هو اهم عطفا على ما يتطلبه من هندسة نظرية كما هو الحال في علوم الطب والهندسة والرياضيات. أما الدكتور سعيد بنكراد، فوصف التجربة النقدية في المغرب من خلال عرض تناول فيه العديد من التيارات النقدية المتماهية بالظواهر النقدية التي أشار المحاضر أن تحديدها على جانب تاريخي يصنف من عام إلى آخر ليس أمرا دقيقا، إلا أنه في الوقت ذاته يمكن التعرف عليها من خلال "النماذج" التي تشكل ملامح للعديد من التجارب النقدية التي شكلت بدورها نموذجا يمثل إنجازا نقديا يعتبره الدارسون فيما بعد نموذجا نقديا.. جاء ذلك خلال الندوة الخامسة المقامة ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب المقام على هامش فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الحالية التي اقيمت بعنوان" النقد الأدبي في المغرب: رهانات التحديث" والتي أدارها الدكتور مسعد العطوي. جانب من ندوة الخطاب النقدي المغربي وأضاف بنكراد أن النموذج بحاجة إلى التفريق بين "التفسير" الذي يتعرف بدوره على القوانين الضابطة لدراسة النصوص الأدبية المختلفة.. وبين "التأويل" بوصفه موجها للدراسات النقدية.. واصفا نموذج "المعنى" ضمن الخطاب النقدي الذي يكشف بدوره المعاني المفصولة عن القارئ، الأمر الذي أدى إلى إخراج القارئ من المعنى، ومن ثم الوقوع في جانب آخر ما يهمل المعنى، ويضعف الحقيقة المودعة في النص.. مختتما حديثه بأن "البنيوية: دمرت أشياء كثيرة، إذ لا يمكن بعد ذلك إلا الإمساك بالحقيقة المزيفة في النص، والإمساك برمزيتها لإعادة صياغتها في شكل هدف تأويلي تسعى إليه القراءة لتعويض ما فقده النص. من جانب آخر قال الدكتور شرف الدين ماجدولين: اعتقد أن الرحابة في مجال النقد الأدبي طبيعية، بينما تشكل الدلالات مآلا أوسع، رغم ما تجده هذه الرؤية من مناهضين لها، ومن هنا فلنا أن نسأل هل النقد الحديث المغربي نتيجة لمسار مغربي خاص ومعزول وسابق في النضوج؟ بمعنى هل يشكل هذا النقد علة أم انه معلول؟ فما يمكن أن نسميه "رهانات التحديات النقدية المغربي" تشكل جزءا من أسئلة قلقة للوعي الكامل من جانب والاستكانة للحركة النقدية المتراكمة من جانب آخر. وأضاف ماجدولين أن النقد المغربي يعتمد على رافدين، الأول رافد تراثي مغربي و الآخر تراثي عربي مما يجعله مدينا للحداثة العربية بوجه عام، مع ما يمثله من تأثر من شيوع الموروث الفلسفي قديما وحديثا مما يجعله مدينا بشكل خاص للموروث المغربي مختتما حديثه بالوقوف مع عدة رهانات مثلها الخطاب النقدي المغربي الحديث الذي أورد منها الرهان المنهجي. أما الندوة الثانية من مساء يوم أمس فجاءت بعنوان "الفساد قضية" التي استهل الحديث فيها معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الأستاذ محمد الشريف الذي وصف معرض الرياض الدولي للكتاب بأنه تظاهرة ثقافية تجسد مظهرا وعلما من مظاهر الوعي الجمعي الذي تعكسه هذه التظاهرة الثقافية.. مؤكد أن الفساد ظاهرة سلبية تزعزع الكثير من المكاسب الوطنية وتهدر ثرواتها.. إلى جانب ما تحدثه من زعزعة الثقة على مستويات مؤسساتية ومدنية بوجه عام.. مستعرضا موقف الإسلام من الفساد، عطفا على دستور المملكة الذي ينطلق من تعاليم الدين الإسلامي بوصفه ركيزة إستراتيجية لجميع ما تهدف إليه الدولة من بناء في مختلف المجالات التي جاء ضمنها إنشاء هيئة لمكافحة الفساد. كما استعرض الشريف العديد من الاستراتيجيات التي قامت عليها الهيئة للقيام بعملها تجاه مختلف أشكال الفساد، التي تحرص على محاربتها، مؤكدا على أنها لن تستطيع أن تقوم بالدور المأمول دون تعاون جميع المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وأن يتعاون مع أهدافها الجميع أفرادا وجماعات، لتستطيع القيام بدورها تجاه الفساد. أما الدكتور خالد الفرم فقد تحدث عن ظاهرة الفساد من منظور العديد من المفاهيم التي أعقبها بالحديث عن أهمية الاهتمام بمعالجة أسباب الفساد دون الوقوف عند التعامل مع ظواهرها، نتيجة لما تمثله أسبابه من استمرارية مشكلته عبر ما وصفه ب"أس" الفساد الذي يمثله موظف فاسد في مجال وظيفي ما.. مشيرا إلى أن معدلات الأرقام للخسائر للمقدرات العربية نتيجة للفساد سجلت أرقاما وصفها بالكبيرة التي تعطي مؤشرا لاستشراء هذه الظاهرة، التي افرزت العديد من الآثار السلبية على مستوى المؤسسات وعلى مختلف مستويات الاجتماعية بمختلف فئاتها تجاه ما يشكله الفساد في منظور كل منهم من خلخلة ثقافية تجاه المتسامحين مع الفساد في المؤسسات المختلفة حكومية كانت أو مدنية.. مختتما حديثه بأن التوعية لا تكفي لتشكيل سد جمعي تجاه المشكلة واصفا العديد من برامج التوعية ب"الوعظية" التي لا يمكن أن تنتج عملا من شأنه مكافحة آلة الفساد. من جانب آخر وصفت الدكتورة أميرة كشغري بأن الفساد يعد أم القضايا التي باتت تشغل همَّ الوطن والمواطن في آن واحد، نظرا لما أنتجه من إفرازات باتت مشاهدة في مجالات مختلفة تتطلب محاربته وتجريمه بالشكل الذي لابد أن تسمى الأسماء بأسمائها الحقيقية، وأن يتم متابعة مصادر الفساد أفرادا كانوا أو مؤسسات.. مشيرة إلى أهمية تعاون المواطن في مكافحة هذه الظاهرة.. حيث أعقب ذلك عدة مداخلات تناولت الأنظمة، والخلل الإداري في المؤسسات، والفساد الأخلاقي بوصفه منطلقا رئيسا لمختلف جميع أنواع الفساد.