فاجعة الرياض إثر سقوط إحدى الألعاب في مركز تجاري، وتزامَن معها حادث شنيع في الجبيل لحافلة تقل طلاباً من المرحلة الابتدائية، تفتح كل الأبواب على مبادئ السلامة في كل منشأةٍ وشارع وطريق ومنزل وغيرها؛ لأن ضحايا المرور صارت ظاهرة مروعة، والأسباب متعددة لكن الموت والإصابات واحدة، والكل ضد ساهر، وضد تفاقم الحوادث، وهي ازدواجية لم تحسم بحلّ، رغم شكوى المرور من عدم قدرة أفراده على تغطية كل المدن وخاصة الكبرى لنقص الأفراد، وبخل وزارة المالية بإيجاد وظائف.. القيادة للمركبات أو سيارات النقل تتجاوز أخطاؤها ما هو معمول به عالمياً، وحتى دول الجوار الخليجية، شهدنا كيف ضاعفت العقوبات على زوارها من السعوديين عندما حاولوا عدم الالتزام بالأنظمة، وأُشيع بأن دبي سوف تقوم بإرسال رسائل بواسطة الهواتف الجوالة لتثقيف مواطنينا، وهذا المعنى يؤكد أن ساهر رغم ملاحقته المخالفين، إلا أن الحوادث مستمرة، وكل سائق في طريق طويل أو شارع عام يرى كيف تكون التجاوزات، وأن من يستعملون هواتفهم وهم يمارسون القيادة لم تصلهم الجزاءات التي قررتها معظم الدول لخطورة ذلك على قائد المركبة، أو السيارات والمشاة، وكل هذا يعطينا اليقين بأن ثقافتنا بالسلامة المرورية ناقصة، بل وتريد أن تسود الفوضى وتستمر.. الدفاع المدني يلعب دوراً مؤثراً، لأنه المسؤول عن السلامة في كل منشأة بالتفتيش عليها دورياً، حتى إن تواجده عند التخطيط لأي حي أو عمارة ومصنع وأسواق وغيرها قبل إنشائها أمر ضروري وملزم، وكذلك ملاحقة المخالفات في أي جهة، غير أن ما وقع في (بانوراما) التجاري لا يعفيه من الحادثة لأن لدينا العشرات من المدن الترفيهية، والتي عموم روادها من العائلات التي تصطحب أطفالها لإخراجهم من الأسبوع المدرسي وجدران المنزل، وهذا سيضر بهذه المدن وأصحابها، لأن أي إنسان سوف يتردد بتعريض أطفاله للألعاب غير الآمنة أو الخطرة، وبالتالي لانجد تقارير دورية ترسلها إدارات الدفاع المدني، بل تكتفي بنشراتها التي تعاقب أو تنصح، ولكنها لا تقرأ، أو تعمم على وسائل الإعلام المرئية والمقروءة مبادئ السلامة العامة.. صحيح أن الدفاع المدني يقوم بواجبات كبيرة، ويذهب من جنوده العديد من الشهداء، وهي وظيفة وطنية كبيرة، غير أن الأخطاء الصغيرة تمحو الأعمال الكبيرة، ونحن هنا لا نطالب بما هو فوق الواجب، أو منع الحوادث التي تتكرر في كل دول العالم، لكن مشاهد سقوط بعض المدارس، وتزايد أسباب الحرائق، أو السقوط في آبار مهجورة وغيرها لا تقتصر مسؤوليتها على الدفاع المدني وحده، إذا ما عرفنا أن البلديات أيضاً لا تقوم بواجبها كما هو مطلوب، وحتى الجمارك التي يتسرب منها مكيفات وأدوات كهرباء، وسموم وبضائع مضرة بالصحة تدخل ضمن المسؤولية الوطنية لتأكيد السلامة العامة.. تزايد الحوادث مشكلة مشتركة بين الأجهزة المسؤولة، والمواطن، والأخير عليه التبعات الأكبر، ولعل حادثتيْ الجبيلوالرياض تفتحان الباب للمساءلة عن كل وسائل السلامة ودور المواطن معها..