عبر مسلمون بريطانيون وهم خارجون من مسجدهم ببلدة ديوزبري عن صدمتهم من فكرة أن يكون المهاجمون الذين نفذوا هجمات لندن يوم الخميس الماضي من بين جيرانهم. وعبر بعضهم عن خشيته من حدوث رد فعل سلبي ضد المسلمين في أعقاب إعلان الشرطة أن ثلاثة من أصل أربعة يشتبه أنهم نفذوا التفجيرات كانوا يقيمون في هذه المنطقة الواقعة بشمال انجلترا. ولكن آخرين أبدوا ثقتهم من أن المجتمع المتعدد الأعراق في البلدة سيتجاوز هذه الصدمة وسيتحد في مواجهة التفجيرات التي أسفرت عن مقتل 52 شخصا وإصابة 700 آخرين. وقال بشارات حسين وهو شاب عمره 26 عاما بينما كان خارجا من المسجد «نشعر بالأمان لأن أناسا كثيرين يعرفوننا.» وأضاف حسين وهو مهندس إلكترونيات قضى في هذه المنطقة معظم حياته «لا نعتقد أنه ستكون هناك مشكلة لأن الناس عقلاء بما لا يدع مجالا لتقييم الجميع بذات المعيار.» وداهمت الشرطة ستة منازل في ديوزبري وبلدة ليدز المجاورة الثلاثاء في إطار بحثها عن المتشددين المشتبه بأنهم وراء التفجيرات. وقالت الشرطة في وقت لاحق إنه «من المرجح جدا» أن أحد المفجرين الأربعة لقي حتفه في التفجيرات وإنها تحقق فيما إذا كان الأربعة فجروا أنفسهم عن عمد. وإذا كان الأمر كذلك فستكون هذه المرة الأولى التي يضرب فيها مفجرون انتحاريون منطقة غرب أوروبا. وقال غريغ مولهولاند عضو البرلمان عن ليدز «هناك شعور بالصدمة لأن بعض المتورطين كانوا من مدينتنا.. إما يعيشون أو يعملون فيها.» وأضاف أن «هذا مجتمع متنوع لكنه متناغم وجميع زعمائه متحدون ضد هذه الفظائع.» وقال رضوان الحق (34 عاما) وهو مدير متجر بمنطقة هايد بارك في ليدز إنه يتوقع رد فعل سلبيا بسيطا ضد الجالية المسلمة في المدينة. وأضاف «سيكون رد فعل بعض الجهلاء سلبيا ولكن هذا متوقع. مازلت أشعر بالأمان هنا.» أما سهيل صديق وهو صاحب مطعم فأشار إلى أن العمل تراجع منذ التفجيرات ولكنه عبر عن توقعاته بعودة الأمور إلى طبيعتها في غضون أيام. ويعيش نحو 30 ألف مسلم في ليدز الواقعة على بعد 320 كيلومترا شمالي لندن. وفي مايو أيار عام 2001 كانت ليدز إحدى البلدات التي شهدت شغبا بين شبان آسيويين وبيض بسبب انقسامات دينية وعرقية. وترى شخصيات بارزة في المجتمع أن العديد من المسلمين يشعرون بالغضب بسبب السياسة الخارجية البريطانية تجاه العالم الإسلامي. وقال شهيد مالك عضو البرلمان عن ديوزبري حيث كان يعيش ثلاثة من المشتبه بهم الأربعة «مما لا شك فيه أن هناك إحباطا كبيرا تجاه قضايا السياسة الخارجية.» وأضاف لنشرة أخبار القناة التلفزيونية الرابعة «لابد أن نسبر غور المجتمع المسلم وأن نقر بأن هناك تطرفا.» وقال «نحن لا نبذل جهدا كافيا للتعامل فعليا مع ذلك... مازال على المجتمع المسلم أن يفعل ما هو أكثر بكثير.» ولمعرفة بعض التفاصيل عن الانتحاريين المفترضين نورد هذا التقرير الذي يقول: أحدهم كان يعشق رياضة الكريكت ويساعد والده في مطعم أسماك يملكه وثانيهم أخبر أسرته أنه ذاهب إلى لندن «مع رفاقه» أما الثالث فمتزوج وله طفل. ومعا نفذوا أول تفجيرات انتحارية منسقة أسفرت عن مقتل 52 على الأقل وإصابة المئات في هجمات استهدفت نظام النقل في لندن وتركوا أصدقاءهم وذويهم في وست يوركشير في حالة صدمة وذهول. قال بشير أحمد «لا أستطيع أن أصدق هذا» وهو يتحدث عن قريبه شهزاد تنوير ذلك الشاب البالغ من العمر 22 عاما والذي ورد اسمه بصفته منفذ الهجوم على محطة أولدجيت لقطارات الأنفاق. وأضاف «لم يتغير.. كان دائما يهوى الرياضة وخاصة الكريكت. لم ينخرط في السياسة مطلقا. فما الذي دعاه لأن يفعل هذا؟ لابد أن الأمر وراءه شيء آخر.» وقال عز محمد وهو صديق لتنوير واثنين آخرين مشتبه بهما هما محمد صديق خان (30 عاما) وهو زوج وأب وحسيب مير حسين (19 عاما) إنهم لابد وأن خضعوا لغسيل مخ. وأضاف لصحافيين «نحن عاجزون عن فهم المسألة.. لقد تعرضوا لغسيل مخ.» ومضى قائلا إن تنوير «ليس من النوع الذي يفعل شيئا كهذا. الكل يحبه. كان محبوبا جدا.» ولم يعلن بعد اسم المشتبه به الرابع لكن بعض وسائل الإعلام ذكرت أنه شاب من منطقة بيستون القريبة من مدينة ليدز الشمالية. وذكرت صحف أن الأربعة الذين ولدوا في بريطانيا لآباء من أصول باكستانية شوهدوا معا في دائرة تلفزيونية مغلقة في محطة كينجز كروس لقطارات الأنفاق وهم يحملون على ظهورهم حقائب كبيرة أشبه بالحقائب العسكرية قبل أن يتفرقوا في اتجاهات مختلفة. وعبر جيران في ليدز عن صدمتهم. قال محمد أنصار رياض (19 عاما) لصحيفة تايمز عن تنوير «كان شابا ودودا ومندمجا مع الجميع... كان يتمتع بروح دعابة رائعة. لا أستطيع أن أصدق أنه يمكن أن يذهب إلى لندن ليفجر قنبلة. ليس من شيمه أن يفعل شيئا كهذا.» وذكر جار آخر طلب عدم ذكر اسمه لشبكة (آي.تي.إن) الإخبارية أن الشاب «المبتسم على الدوام» أمضى شهرين في أفغانستان العام الماضي وأربعة أشهر في مدينة لاهور الباكستانية. وفي بيستون حيث يعيش نحو 16 ألف نسمة ترجع أصول كثيرين منهم لجنوب آسيا ألقى البعض باللوم على قلة الفرص المتاحة أمام الشباب في المنطقة مما يدفع البعض للتحول للأصولية. وقال شاهين رسول البالغ من العمر 27 عاما والذي يعيش في بيستون منذ ثلاث سنوات «أنا من العراق. أرى هذا يحدث كل يوم (في العراق) لكنه لم يحدث لكم إلا مرة واحدة.» وأضاف «أنا مسلم لكني قوي. لم تراودني أبدا أفكار كهذه. قد لا يكون البعض بنفس القدر من القوة.» وقال أحمد قريب تنوير إن أسرته منهارة. وقال للصحافيين «لم يعش حياة قاسية. كان يحظى بأبوين محبين ولم تكن لديهم مشاكل مادية.» ومضى قائلا «حياتنا تحطمت. أمضينا وقتا رائعا هنا (في انجلترا) ولا أعتقد أن بإمكاننا العيش هنا بعد ذلك.» وقال إن تنوير زار باكستان في نهاية العام الماضي وبدأ هذا العام في دراسة القرآن. أما حسيب مير حسين أحد المشتبه بهم فتردد أنه تحول للدين بعد أن كان «جامحاً بعض الشيء». ونقلت صحيفة تايمز عن أحد أقاربه قوله إن حسين «حاد عن الطريق وأثار هذا قلق والديه... لا أعرف بالضبط ما حدث ولكن قبل نحو 18 شهرا أو عامين تغير فجأة وأصبح ملتزما دينيا.» أما المشتبه به الثالث خان فهو متزوج وله طفل. وقال شخص تربطه به علاقة نسب إن أسرة زوجته لم توافق في البداية على الزواج لانه لم يكن ملتزما دينيا بالقدر الذي كانت ترغبه الأسرة. ونقلت صحيفة ديلي ميل عنه قوله «لم يكن (خان) يؤمن بإطلاق اللحية أو ارتداء العمامة ولكنه بدا دوما شخصا لطيفا ولم يدخل في أي مشكلة على حد علمي. وسافر إلى باكستان عدة مرات ولكن ليس لفترات طويلة.»