بكل تأكيد نستطيع أن نقول أنه ليس لدينا خطة وطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات والتخفيف من وطأتها المدمرة، بل وحتى السيول الناتجة عن هطول الأمطار في الوقت الراهن لا يتم التعامل معها بالطرق العلمية التي تمنع حدوث الوفيات الناتجة عنها، وهذه الحقائق مريرة ومؤلمة عند تناولها والحديث عنها ذلك أن الحلول المطلوبة لإيجاد خطة وطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية تتعلق وترتبط بعدة جهات منها: مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة وهيئة المساحة الجيولوجية والدفاع المدني، ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن هناك اعتمادات جاهزة من وزارة المالية تكون تحت تصرف إمارات المناطق والدفاع المدني لتزويد المتضررين بالخيام والإعاشة اللازمة عند وقوع الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية، ولكن لا توجد آليات لتفعيل الاستفادة القصوى من هذه الاعتمادات وخاصة عند التعامل مع السيول التي شهدتها بعض مناطق المملكة في الآونة الأخيرة، في نفس الوقت فإن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تعاني من ضعف في موارد البحث العلمي وبالتأكيد ينسحب ذلك الضعف في الإنفاق على مراكز رصد الزلازل بل والتفكير في إنشاء مراكز متقدمة للتنبؤ بحدوث الكوارث الطبيعية الناتجة عن الزلازل التي تحدث في قاع البحر وخاصة أضرار المد البحري مثل ذلك الذي ضرب دول في جنوب شرق آسيا مؤخراً . والغريب في رصد علمائنا وأساتذة الجامعات لأحداث جنوب شرق آسيا هو التطمينات بان المملكة لن تتضرر من الهزات الأرضية التي حدثت في قاع المحيط، وهذه التطمينات لا تكفى لوقف القلق الذي أصاب الناس من تعرض المدن الساحلية سواء على البحر الأحمر أو الخليج العربي لموجات من المد البحري التي بإمكانها أن تغرق مدن بأكملها، فقد اكتفت هيئة المساحة الجيولوجية بالشكوى من عدم توفر ميزانية لمحطات رصد الزلازل، ولم نقرأ رأياً علميا متخصصاً يوضح المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها المملكة من مثل هذه الزلازل والمد البحري، وبالتالي وسائل التخفيف من وطأة أضرارها المفجعة. لذلك فإن الدعوة مفتوحة وقائمة للمسئولين في الدفاع المدني وبقية الجهات العلمية لإيجاد مركز وطني لرصد الزلازل والتنبيه بمخاطرها ومدها البحري إن وجد وتوضيح دور أجهزة الإنذار وأجهزة الإعلام في التعامل مع الكوارث الطبيعية وتحذير الناس في وقت مبكر من وقوع الكوارث لمحاولة تفادي الجزء الأكبر من أضرارها. وإذا كان المسئولين في الدفاع المدني يلقون محاضرات على طلبة المدارس لتعريفهم بسبل مواجهة الحرائق أو انهيارات المباني فما الذي يمنع قيام هؤلاء المسئولين أنفسهم بتقديم ثقافة التعامل مع الزلازل الموجودة في اليابان ودول أخرى والتوسع في الدعاية لهذه الثقافة في وسائل الإعلام وفي المدارس والجامعات . ولابد أن يكون تحركنا في الاتجاه الصحيح سواء من حيث تحصين المجتمع بثقافة الزلازل ومخاطرها أو من حيث إيجاد خطة وطنية متكاملة التفاصيل لمواجهة الكوارث عند وقوعها لا سمح الله . وهذه الخطة الوطنية لمواجهة الكوارث والتخفيف من وطأة مخاطرها المدمرة عن طريق إيجاد مركز وطني للإنذار المبكر أصبح مطلباً وطنياً ملحاً في الوقت الراهن يتطلب التحرك دون النظر لأي عوائق إدارية، حتى وإن كان ذلك بإسناد مشروع هذا المركز للقطاع الخاص فإنه قادر على سرعة إنجازه خاصة إذا توافر الدعم المالي اللازم له، ولا يخفى على المسؤولين أن أضرار المد البحري الذي ضرب دول جنوب شرق آسيا كانت أقل في الدول التي لديها مراكز متقدمة لرصد الزلازل مثل اليابان حيث تحرك الموجات العاتية يستغرق وصولها إلى الشواطئ عدة ساعات قبل أن تضرب الأخضر واليابس وتدمره. وكل هذه المقترحات التي تحدثنا عنها غير كافية لأن علماءنا وأساتذة البحث العلمي مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتحريك أبحاثهم العلمية المتخصصة وتقديم مقترحاتهم الواضحة والتنفيذية لإقامة المركز الوطني للإنذار المبكر بالإضافة على وضع خطة منهجية تدرس في مدارسنا وجامعاتنا عن ثقافة مواجهة الكوارث وطرق التعامل معها، ويتحمل الدفاع المدني الحمل الأكبر في الوقت الراهن لتجميع جهود بقية الجهات في نطاق موحد يمكن الانطلاق من خلاله لحماية الناس من الأضرار المحدقة بهم التي قد تحدث في أي وقت دون سابق إنذار.