الأغلبية يعانون من المراهقة. هذه المرحلة العصبية التي يكون فيها الأولاد على مستوى من الحيوية والعنفوان. تتغير السيكيولوجية الشخصية تبعاً للتطور البدني والجسدي والتحول من مرحلة إلى أخرى. يصبح التعامل مع الأولاد له صيغة مختلفة ونمط آخر. هناك تحديات كبيرة أمام الوالدين لتجاوز مسألة المراهقة وتحويلها إلى مرحلة جميلة وممتعة. المراهقة ليست مرعبة أو صعبة أو بعبعاً يمكن أن يخوض معها الآباء والأمهات الحرب الضروس. بل هي سهلة لمن سهله الله عليها. أظنّ أن تجربتي وتجارب غيري أثبتت أن المراهقة يمكن أن تحل وتتجاوز ببساطة لكن نحتاج إلى تغيير مسار سلطاتنا تجاه من تحت يدنا. أول موضوع يجعل الأب والابن يرتاحون من هذه المعضلة البدء بورشة حوارية عفوية. الأم تتحدث مع ابنتها بكل وضوح حول تغييرات جسدها ومرحلتها، والأب مع أبنائه للحديث عن أسلوب العيش الذي يقبلون عليه. هناك رغبة كبرى لدى الأبناء في مرحلة المراهقة أن يكونوا كباراً لهم خصوصيتهم وتقديرهم الخاص، والحوار والمناقشة تشعرهم بالسعادة والعلو والزهو، أما حين تأخذ العصا وتبدأ تصرخ على المراهق ليلاً ونهاراً بالتأكيد أن الابن سيتمرد ونستمع الآن إلى قصص هروب الفتيات والأولاد خارج البيوت. هناك أبناء يعيشون في الاستراحات والشقق هرباً من بيوت آبائهم ولا يعلم أهلهم أين هم أصلاً بسبب حمق الأب وضربه لهم أو تهميشهم وتتفيههم. يحتاج المراهق أيضاً إلى الاستقلالية المالية مع بعض النصح البسيط من دون أن يكون هناك إملاءات عليهم بأن يفعلوا هذا ولا يفعلوا ذاك. التوجيه لا يكون بالصراخ والسوط بل يكون بالحب مع الابن، ذلك أن سلطتك كأب تتلاشى مع كبر الابن، ولذلك قيل:"صاحب ابنك وهو كبير" وأعز الأصدقاء هو الابن حين يكون صديقاً لأنه من صلبك ومن عمق نفسك. كثيرون سعدوا لأنهم حولوا علاقتهم بأبنائهم إلى أصدقاء حقيقيين ومن النادر أن لا تكون مثل هذه الصداقة عظيمة وعميقة. بآخر السطر فإن المراهقة ليست معضلة أو كارثة أو نازلة بل هي مرحلة عادية يمكن التعامل معها بهدوء وروية، ولا معنى للخوف الكبير الذي يسيطر على الآباء والأمهات حول ذلك. وأتمنى أن يقرأ الآباء والأبناء. وأتمنى الرجوع إلى مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" في عدد سبتمبر 2011 والذي تناول: أسرار دماغ المراهقين. ولله في خلقه شؤون.