معظم الدراسات العالمية الشهيرة الصادرة عن توقعات متوسط أسعار البترول للعامين القادمين 2013-2014 تتوقع بأنها ستنخفض عن متوسط أسعار عام 2012. أشهر هذه التقارير هو تقرير إدارة معلومات الطاقة الامريكية EIA الصادر بتاريخ 8 يناير 2013 الذي يقول بأن متوسط أسعار برنت الفوري الذي بلغ 112 دولارا للبرميل عام 2012 سوف ينخفض إلى 105 دولارات للبرميل عام 2013 و 99 دولارا للبرميل عام 2014. كذلك على الصعيد المحلي توقعت جدوى للاستثمار أن ينخفض سعر برنت إلى 104 دولارات عام 2013 (المدينة الأربعاء 09 / 1 / 2013). هذا شبه الإجماع على أن أسعار البترول ستتجه إلى الأسفل تتعارض مع النموذج المبسط الذي استخدمه لتوقعات أسعار البترول الذي يشير إلى أن متوسط سعر برنت الفوري سوف يكون مابين 112 – 115 دولارا للبرميل خلال عامي 2013- 2014 مع وجود احتمال أن يتجه إلى أعلى كثيراً من هذا المستوى ولا يوجد احتمال أن يتجه إلى الأسفل إلا في حالة ارتفاع كبير (وهو غير متوقع) في سعر صرف الدولار بالنسبة لعملات الدول المستوردة للبترول. سبب الاختلاف هو أن هذه التقارير تعطي أهمية للزيادة المتوقعة في إنتاج بعض الدول المنتجة (سواء المصدرة أو حتى بعض المستوردة) للبترول فمثلاً يقول تقرير إدارة معلومات الطاقة الامريكية ان إنتاج امريكا البالغ 6.4 ملايين برميل في اليوم عام 2012 سيرتفع إلى 7.3 ملايين برميل عام 2013 وإلى 7.9 ملايين برميل في اليوم عام 2014. بينما تستند توقعاتي – رغم احتمال صحّة ارتفاع إنتاج بعض الدول – على أن الدول التي كانت تنتج قريباً من طاقتها القصوى عام 2012 ستخفّض إنتاجها (ليس من أجل رفع الأسعار) بل للرجوع بإنتاجها إلى طاقتها الإنتاجية الآمنة وإراحة وتفقد آبارها التي قد تكون تعرّضت للإرهاق بسبب رفع زيادة إنتاجها المفاجئ في وقت الطوارئ للحفاظ على ما يسمى السعر العادل. دقّة التوقع تعتمد على مهارة المحلل ليس فقط في اختياره أهم المتغيرات المستقلة التي تؤثّر في المتغيّر المراد قياسه (توقعه) ولكن تعتمد أيضاً على فهمه المبادئ الأولية لنظرية اقتصاديات الأسواق مع مراعاة تطبيقها بعناية على سوق مورد ناضب (كالبترول) لا يصنعه الإنسان. النموذج الذي استخدمه يعطي أهمية لأساسيات سوق البترول المباشرة (حجم ونوع الكمية المعروضة وحجم ونوع الكمية المطلوبة) ويقلّل أهمية (وأحياناً يستبعد كلياً) العوامل المتقلّبة كالاضطرابات والتقلبات الجوية والمضاربة (لأن تقلباتها يعوّض بعضها خلال الفترة) ولكن لا يغفل عامل تغير سعر صرف الدولار. قد يكون فعلاً أن حجم زيادة البترول المعروض أكبر من حجم خفض البترول الخارج من السوق ولكن ميزة النموذج الذي استخدمه أنه يفرّق بين النوعين في تأثيرهما على أسعار البترول. بينما النماذج الأخرى (منها نموذج إدارة معلومات الطاقة الامريكية) لا تفرّق بين النوعين. أنا سأغامر وأضع سمعة توقعاتي على المحك فأعتبر أن هذه فرصة لاختبار مدى سلامة النموذج الذي استخدمه بمقارنة مايقوله وما تقوله هذه التقارير. على العموم العامان 2013- 2014 ليست عنّا ببعيدة وسنرى في نهايتهما ف "المويه تكذّب الغوّاص". موضوع زاوية السبت القادم – إن شاء الله – سيكون بعنوان التفريق بين أنواع البترول وتأثيرها على أسعاره.