قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيبدأ قريبا بحث إرسال قوة سلام دولية إلى مالي وهي فكرة لم تكن المنظمة الدولية ترضى عنها تماما قبل التدخل العسكري الفرنسي. وفي الشهر الماضي وافق مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة على قوة بقيادة أفريقية في مالي والتي كان من المفترض أن تمولها المساهمات الطوعية من أعضاء الأممالمتحدة وتدربها دول الاتحاد الاوروبي. ولم يكن من المفترض ان تبدأ تلك القوة عملياتها قبل وقت لاحق من العام الجاري في مواجهة متشددين إسلاميين سيطروا على منطقة شاسعة من شمال مالي العام الماضي. لكن دبلوماسيين قالوا إن التدخل العسكري الفرنسي هذا الشهر ضد المتشددين في مالي جعل تلك الخطة محل نقاش. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه "هناك حديث متزايد عن التحرك مباشرة إلى عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة."وأكد دبلوماسي آخر ومسؤول في الأممالمتحدة ذلك وأن المباحثات ستبدأ خلال أيام. وتحدثت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس لأول مرة عن هذه القضية الأسبوع الماضي خلال اجتماع لمجلس الامن. وقال الدبلوماسيون ومسؤولون بالأممالمتحدة إن أعضاء آخرين في المجلس أصبحوا متحمسين الآن للفكرة. وسيتطلب نشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة موافقة مجلس الامن. وسيكون الخيار الآخر إرسال قوة يقودها الاتحاد الافريقي بموافقة من المجلس مع حصولها على الدعم اللوجستي وغيره من أشكال الدعم من الأممالمتحدة تماما مثل بعثة الاتحاد الافريقي في الصومال. وذكر دبلوماسيون أن واشنطن تؤيد فكرة بعثة من الأممالمتحدة أكثر من إرسال قوة من الاتحاد الافريقي. وأضافوا أنه يتعين الاتفاق على التفاصيل لكن من الأفكار المطروحة تشكيل قوة من الأممالمتحدة قوامها ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف جندي. لكنهم أشاروا إلى أنه بما أن الصراع الجاري منذ ثلاثة أسابيع مستمر فمن السابق لأوانه نشر قوات لحفظ السلام. وقال دبلوماسي "ليس هناك سلام بعد لحفظه... ما زلنا في مرحلة تحقيق السلام." وأوضح دبلوماسيون ان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون لم يكن متقبلا لفكرة التدخل المباشر من الأممالمتحدة في العملية المقترحة التي تقودها الدول الافريقية لأنها ستكون عملية قتالية هجومية وليس لحفظ السلام. لكنهم قالوا إنه بعد أن استعاد جيش مالي بدعم من القوات الفرنسية أغلب المدن الصحراوية في شمال البلاد فإن احتمال نشر قوة سلام تابعة للأمم المتحدة أصبح أقل استبعادا عن ذي قبل. وأضافوا أن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة سيكون لها بعض المزايا مقارنة بالقوة التي تقودها افريقيا والتي وافق عليها مجلس الأمن الشهر الماضي. وسيكون التمويل واضحا وسيكون من السهل مراقبة مدى الالتزام بحقوق الإنسان ومن الممكن ان تختار الأممالمتحدة أي الوحدات الوطنية التي تستخدم في هذه القوة. وذكر دبلوماسي أن الكثير من القوات الافريقية التي تدعم بالفعل الجيش الفرنسي والقوات الحكومية في مالي يمكن نظريا أن تبقى وتصبح جزءا من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ومن المرجح أن تؤيد هذه الفكرة فرنسا. وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرو يوم الثلاثاء إن باريس ستؤيد نشرا سريعا للمراقبين الدوليين في مالي لضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان. على الصعيد ذاته اعتبر رئيس مالي بالوكالة ديونكوندا تراوري امس ان المحاور الوحيد من الطوارق بنظر باماكو في اي مفاوضات سياسية مقبلة سيكون الحركة الوطنية لتحرير ازواد بعدما سقطت "مصداقية" جماعة انصار الدين الاسلامية، متحدثا لاذاعة ار اف اي. وقال تراوري "من الواضح ان انصار الدين فقدت مصداقيتها ولم تعد مؤهلة للحوار ايا كان القناع الذي قرر البعض منهم وضعه من الان فصاعدا" في اشارة الى انشقاق حركة ازواد الاسلامية عن الجماعة ودعوتها الى "حل سلمي". وتابع الرئيس "قصة حركة ازواد الاسلامية هذه لا تعني شيئا. ان كانوا يحاولون اليوم التملص من مسؤوليتهم، فهذا لأن الخوف انتقل الى المعسكر الاخر". وقال ان "الحركة الوحيدة التي قد نفكر في التفاوض معها هي بالتأكيد الحركة الوطنية لتحرير ازواد بشرط ان تتخلى عن كل هذه الادعاءات الجغرافية". وكانت الحركة الوطنية لتحرير ازواد (متمردون علمانيون) تخلت عن مطالبتها باستقلال شمال مالي الذي طردتها منه الجماعات الاسلامية المسلحة في حزيران/يونيو 2012. وصوت النواب الماليون بالاجماع الثلاثاء على "خارطة طريق" سياسية لمرحلة ما بعد الحرب في شمال مالي تنص على اجراء محادثات مع بعض المجموعات المسلحة في اطار "المصالحة الوطنية". وقال تراوري انه "ما زال يثق في بركينا فاسو" كوسيط في الازمة المالية باسم جنوب افريقيا "ربما ليس لقيادة المفاوضات ولكن لتسهيلها ومواكبتها". لكنه رأى ان الرئيس بليز كومباوري الذي باشر مفاوضات عام 2012 مع بعض المجموعات المسلحة وباماكو "يخطئ" حين يرى انه ما زال هناك "جزء نظيف" داخل حركة انصار الدين. وعلى الصعيد العسكري علق تراوري على استعادة السيطرة على مدينتي غاو وتمبكتو في عملية عسكرية سهلة فقال انه لا يدري "لماذا لم تحصل معارك، ما يعد له العدو". ورأى ان الاسلاميين "انسحبوا من المدن الكبرى حتى لا يجدوا انفسهم واقعين في فخ ولا بد انهم لم ينسحبوا الى مسافة بعيدة عن هذه المدن". واكد انه "بعد شهر على ابعد تقدير سنكون بسطنا وجودنا الى كل انحاء البلاد. سنمضي ابعد من كيدال وسنطارد خصومنا اينما يذهبون". وفي مقابلة اخرى اجرتها معه صحيفة لو باريزيان/اوجوردوي" الفرنسية شكر تراوري مرة جديدة فرنسا على دعمها وقال "اقول شكرا لفرنسا". وتابع ممازحا "منذ بدء التدخل الفرنسي وانا ابحث في القاموس عن الكلمة المناسبة لاشكر الرئيس" فرنسوا هولاند. من جانبه اعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان امس ان القوات الفرنسية "منتشرة في كيدال وتسيطر على المطار" في انتظار ارساء "الامن" في شمال شرق مالي مع "قوات افريقية اخرى". وصرح الوزير الفرنسي لاذاعة فرانس انتر ان "القوات الفرنسية منتشرة في كيدال وتسيطر على المطار في انتظار ان تتمكن هي وقوات افريقية اخرى من ارساء الامن في مدينة كيدال". وردا على سؤال حول وضع القوات الفرنسية التي كانت معطلة الاربعاء في مطار كيدال، بسبب عاصفة رملية قال لو دريان "انها ليست غارقة في الرمل" بل "انها تتميز بالحيوية وهي في المطار الذي سيطرت عليه قبل اكثر من يوم". واضاف ان "الاحوال الجوية عطلت وصول بقية القوات لكن ذلك من مخاطر الصحراء".