ضرب كثيرون في وسطنا الرياضي كفاً بكف حين علموا بأن لاعب المنتخب الإماراتي عمر عبدالرحمن الشهير ب"عموري" الذي خطف العيون وسرق الألباب في "خليجي 21" إنما هو يمني الأصل سعودي المولد والمنشأ، وأنه حصل على الجنسية الإماراتية بعدما وجد كل الطرق مغلقة في وجهه رغم طرقه لأبواب الأندية السعودية الشهيرة؛ رغبة في الحصول على بطاقة الهوية السعودية في مقابل موهبته الفذة. عموري بحضوره الآسر في المنامة والذي كان له دور مباشر في تتويج بلاده باللقب الخليجي لم يصب كثيراً من السعوديين بالحسرة على ضياع تلك الموهبة الربانية وحسب، وإنما أعاد من جديد فتح ملف تجنيس المواهب من فئة المقيمين في السعودية، وهو الملف الذي لا يكاد يوضع في أدراج النسيان حتى يعاد إخراجه مع كل إخفاق للمنتخب، أو مع رؤية موهبة جديدة تغادر الوطن لتحط الرحال في هذا البلد الخليجي أو ذاك!. إطلالة "عموري" كانت مؤلمة لكثير من السعوديين على عكس غيره من المواهب المهاجرة من السعودية بحثاً عن الجنسية، وذلك لأسباب كثيرة بعضها يطول شرحها، وبعضها الآخر "تضيق" المقالة بها، لكن رغم حقيقة الألم لخسارة موهبة بهذا الألق، إلا أنه لابد وأن تطرح بعض الأسئلة ليكون الحديث بشأن "عموري" أكثر منطقية، وأقرب للواقع، وأدعم للحقيقة. أهم تلك الأسئلة – في نظري – ثلاثة هي: هل "عموري" موهبة يندر مثلها في أنديتنا هذه الأيام بحيث يجدر البكاء على التفريط بها؟، وهل أنديتنا لم تحتضن موهبة بمثل موهبة "عموري" في السنوات العشر الأخيرة على الأقل؟، ثم ماذا لو كان "عموري" نفسه سعودياً في الأصل، أو سعودياً بالتجنيس؟! المنطق والواقع يقول بأن موهبة كتلك التي يملكها "عموري" وإن بدت ذات قيمة كبرى، لكن مثلها لا يندر في الملاعب السعودية، وتلك حقيقة تجيب على السؤال الأول، أما الحقيقة الأخرى التي تجيب على السؤال الثاني فتكمن في صدقية أن الأندية السعودية قد شح إنتاجها للمواهب في السنوات العشر الأخيرة؛ قياساً بالعقود الماضية؛ لكنها لم تعدم إنتاجهم، ولست مغالياً إن قلت بأن المواهب السعودية كانت ولازالت هي الأبرز خليجياً حتى اللحظة، غير أن المشكلة تكمن في سرعة انطفاء تلك المواهب لأسباب احترافية صرفة تتعلق بثقافة اللاعبين أنفسهم، وبآليات النظام الاحترافي بشكل عام. يقيني باتفاق وسطنا الرياضي على حقيقة أن كرتنا لم تعدم موهبة كعموري إلى جانب حقيقة أن الماكنة السعودية لا زالت تنتج العديد من المواهب، فإن ذلك يجرني إلى الجواب على السؤال الثالث، وهو وإن كان سؤالاً افتراضياً إلا أنه لا يجانب الحقيقة بل أراه يعريها تماماً، إذ إن "عموري" لو كان سعودياً – في كل الأحوال - لسار في فلك النجوم التي انطفأت فجأة، أو التي يكاد يخبو بريقها وهي التي يفترض أنها في عز توهجها، فهو لن يكون أوفر حظاً من مواهب كانت ملء السمع والبصر، وليقيني بذلك فلن أقف في صف الباكين على لبن "عموري" المسكوب!.