إن ما يشهده عالم اليوم من تطورات متلاحقة في عالم التكنولوجيا وفي عالم الاتصال قد جعل أبناءنا ينجرفون بقوة في ملاحقة هذه التطورات والانغماس فيها، مما قلص الأوقات التي كانوا يمارسون فيها نشاطات أخرى، فهذه الحياة العصرية الحديثة تتطلب الجلوس لساعات طويلة فممارسة ألعاب البلاي ستيشن والانترنت وايضا المحادثات التي يجريها الشباب صغارا وكبارا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك والتويتر والواتس أب والبلاك بيري كلها نشاطات تتطلب البقاء في مكان واحد وبثبات ولساعات طويلة، هذا غير الأوقات التي يقضونها أمام التلفزيون فوفقا لاكاديميه طب الأطفال الأميركية، فإن الاطفال يشاهدون التلفزيون حوالي 3 ساعات يوميا، كل ذلك إذا أضفنا إليه نمطاً غذائياً غير صحي فنحن أمام كوارث حقيقية، وهذا ما حدا بالعديد من المؤسسات الطبية والتربوية في أنحاء العالم لأن تصرخ وتبحث عن حلول بديلة. فقد لوحظ ازدياد معدلات السمنة لدى الأطفال، كما لوحظ ازدياد الأمراض التي كانت تصيب الكبار نتيجة تقدم السن وارتخاء العضلات وقلة النشاط البدني، وتساءل البعض هل نحن أمام عصر الشيخوخة المبكرة، وبالحديث عن الأمراض المزمنة فقد اجرت مؤسسة القلب البريطانية دراسة اظهرت أن واحداً من كل ثلاثة اطفال تتراوح اعمارهم بين السنتين والسبع سنوات لا يبذلون الحد الادنى من المستويات الموصى بها من الرياضة البدنية، اما في المملكه العربية السعودية، فقد اجرى مختبر الرياضة البدنية بجامعة الملك سعود دراسة، حول ممارسة الرياضة بين الاولاد قبل سن المراهقة بينت ان 57.1٪ منهم لا يمارسون الرياضة البدنية، والنتائج مماثلة في معظم دول منطقة الخليج. فإذا عرفنا أن مؤسسة القلب الاميركية أشارت الى ان قلة النشاط البدني هي من اخطر مسببات الامراض غير المعدية، مثل مرض القلب وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات الكولسترول ومرض السكري، وهذه أمراض كانت حكراً على الكبار مما يعيدنا للتساؤل عن عصر الشيخوخة المبكرة، لذلك توصي مؤسسة القلب الاميركية بأن على الاطفال والمراهقين القيام بما لا يقل عن 60 دقيقة يوميا من النشاط البدني بين المعتدل والشاق. الرياضة لها دور فعال ليس على صحة أطفالكم الجسدية فقط بل الذهنية والنفسية، فبحسب الاقتصادية الالكترونية في عددها رقم 6350 فقد أجريت دراسة أمريكية حديثة على الأطفال البدناء قليلي الحركة أثبتت أن ممارستهم للتمارين بشكل منتظم، يحسن لديهم القدرة على التفكير والتخطيط، لأن التمارين البدنية ترتبط بزيادة النشاط داخل أجزاء معينة في المخ لها علاقة بعملية التفكير المعقد والتحكم بالنفس، فبعد قياس مهارات الذكاء لدى الأطفال باختبارات مختلفة وبإخضاع بعضهم لأشعة رنين مغناطيسي على المخ أشار الباحثون إلى أنه كلما زاد الأطفال من نشاطهم البدني ارتفعت نتائج اختبارات الذكاء لديهم وسجلوا تحسناً في المهارات الحسابية، وفي السياق نفسه قالت كاثرين ديفيز أخصائية الصحة النفسية بمعهد جورجيا للمناعة: أنه بالرغم من الدراسة ركزت على الأطفال ذوي الوزن الزائد إلا أن نتائجها تنطبق على الأطفال أصحاب الأوزان الطبيعية، لأن التغيرات الإيجابية في القدرات الذهنية للأطفال هي ناتج تفاعل عوامل بيولوجية وبيئية. فعلى الأسرة أن تبذل جهدا أكبر في تحفيز الأطفال على القيام بنشاطات رياضية مختلفة، كما عليها تنظيم أوقات الألعاب الالكترونية والانترنت والتلفزيون حسب أوقات معينة لتتناسب مع الأوقات التي يجب أن يقضيها الأطفال مع الواجبات المدرسية والنشاط البدني ووقت الأسرة، كذلك على الأهل الاهتمام بنمط الغذاء بالاستشارة مع أخصائيي التغذية. أ. فلاح المنصور* * التثقيف الصحي