هذان مثلان شعبيان منفصلان عن بعضهما. فالإبل التي تعيش في المناطق الجبلية (الحجاز) تتصف مثل غيرها من الإبل بالقوة وشدة التحمل, لكن تتميز بخفة الجسم والحذر لاضطرارها إلى كثرة صعود المرتفعات والنزول من المنحدرات المحفوفة بالانزلاقات بسبب الصخور والحجارة المعترضة. يضرب هذا المثل للدلالة على من يتصف بالقوة والجلد والحذر في التعامل مع الصعاب الحسية والمعنوية برغم أنه لا يبدو كذلك. أما المثل بعير شمال فالمقصود هنا شمال الجزيرة العربية. والإبل التي تعيش في هذه المنطقة المنبسطة تكون أهدأ في الحركة من التي تعيش في المناطق الجبلية وأقل حذرا. وفي تقديري أن في هذا المثل نوعا من الإسقاط إذا أخذت في الاعتبار حديث عامة الناس تجاه صفة تميز الشماليين المعروف عنهم الطيبة وسعة البال والانصراف عن المبالغة في التحسّب للأمور المستقبلية وما تتطلبه من تخطيط - وأحياناً مكر - في العلاقة مع الآخرين, ولذلك يقال لمن يتميز بتلك الصفات إنه شمالي, أو بعير شمال. فائدة لغوية: البعير كلمة تنصرف في العامية إلى (الجمل) بينما في الفصحى البَعِير أو البِعِير؛ سواء بكسر الباء أو فتحها, تقع على الذكر (الجمل) والأنثى (الناقة). والحَجْز: المنع, والفصل بين الشيئين. ومما جاء في مصادر اللغة العربية أن جبال الحجاز سميت بذلك لأَنها حجزت (فصلت) بين تهامة ونجد. وقال الحموي في معجم البلدان: (الحجاز: جبل ممتد حال بين الغَوْر غَوْر تهامة ونجد فكأنه منع كل واحد منهما أَن يختلط بالآخر فهو حاجز بينهما).