تقول الاحصائيات العالمية ان من بين 8 ملايين شخص مصاب بمرض الدرن (السل) يموت سنوياً مليونا شخص، وهي احصائية مخيفة خاصة في شقها الثاني حيث ان وفاة نسبة 25٪ من المصابين بالداء رغم تقدم الطب وثورة الاكتشافات العلمية في المجالات الصحية ينبئ ان هناك خللا ما، ويقول المختصون ان الخلل في طريقة التشخيص المعمول بها حالياً في كل انحاء العالم ومن هنا تأتي اهمية البحث العلمي لكل من الدكتور سعيد درميم والدكتورة فاتن الزامل في مركز الابحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض حيث يعملان على المراحل الاخيرة لاسلوب مبتكر في تشخيص مرض السل بنسبة نجاح ودقة تصل الى اكثر من 99٪. «الرياض» التقت كلا العالمين في رحاب مركز الابحاث بالمستشفى وهناك تحدثا حول المرض وطرق التشخيص المعمول بها وطريقة التشخيص الحديثة التي يعملان عليها حالياً والتي ستقدم الامل بمشيئة الله لكل مصاب بالدرن فمجرد اكتشاف الداء في مراحله الأولى يمكن المصاب من السعي السريع للعلاج ويقيه ومن يحتكون به من شر هذا المرض وسرعة انتشار عدواه.. تقول الباحثة الدكتور فاتن الزامل وهي دكتوراه في الاحياء الدقيقة والمناعة ووكيلة كلية التمريض بجامعة الملك سعود: «يعتمد تشخيص مرض السل على اربعة طرق تقليدية هي الفحص تحت المجهر وعمل مزرعة لاكتشاف البكتيريا والوخزة الجلدية والاشعة السينية، ولقد ثبت في جميع هذه الطرق اخطاء في التشخيص تصل احياناً الى 30٪، اذ ربما يثبت التشخيص نتيجة سلبية في حين ان الشخص مريض فعلياً وقد يعطي نتيجة ايجابية في الوقت الذي يكون فيه الشخص سليماً فهذه الطرق تفتقد الى الدقة فمثلاً عبر الوخز يمكن ان يؤثر التطعيم في النتيجة والمزرعة تستغرق نتيجتها من اربعة الى ثمانية اسابيع، والمريض يحتاج الى العلاج السريع حتى لا ينشر العدوى في كل مكان يمر به، اما الفحص المجهري فلابد ان تكون نسبة الميكروبات في المادة التي نفحصها عالية جداً حتى تظهر النتيجة فعلياً اما الاشعة السينية فان الاعراض بين هذا المرض والامراض الاخرى تحدث ارتباكاً وتؤثر في دقة التشخيص. وتضيف الدكتورة الزامل ان الطبيب احياناً يضطر الى ان يعطي علاجاً افتراضياً للمريض فإذا ما بدأ في التحسن يكون التشخيص سليماً وإلا فإنه يبدأ من جديد، وفي هذا الأمر مافيه من ارهاق للمريض وضغط على ميزانية وزارة الصحة باعتبار ان العلاج مكلف ويستغرق ستة شهور على اقل تقدير.. التقنية الجديدة اما التقنية الحديثة التي يعمل عليها كل من الدكتور سعيد والدكتورة فاتن فتعتمد كما يقول الدكتور سعيد درميم وهو دكتور متخصص في مناعة الاورام على فحص الخلايا اللمفاوية من نوع (ت) مع مجموعة من انتيجينات خاصة بجرثومة الدرن والتي تسهل تشخيص المرض في مراحله المبكرة وحتى في مرحلة الكمون الأولى قبل ظهور الاعراض.. ويقول الدكتور سعيد: نحن نقوم بعمل مزيج من الانتيجينات المحفزة للمناعة ونقوم بتجربتها على الخلايا اللمفاوية من نوع (ت) من دم المريض فإذا اعطت نتيجة ايجابية كان الانسان مريضاً بالسل وهي طريقة سريعة لا يستغرق ظهور نتائجها المؤكدة الا اربعا وعشرين ساعة فقط وتكون نتائجها مؤكدة وغير قابلة للخطأ.. ويضيف الدكتور سعيد بأن البحث في الانتيجينات اصبح توجها عالميا يقوم به باحثون في مختلف انحاء العالم وبعضهم توصل الى نتائج جيدة غير ان ما توصل اليه هو والدكتورة فاتن يفوق في نسب نجاحه ما توصل إليه الباحثون في أي مكان آخر في العالم.. وتقول الدكتورة فاتن: نحن مازلنا في الطور المختبري حتى الآن والنتائج مشجعة للغاية وندرس الحالة على خمسين متبرعا ونتابع معهم قبل واثناء وبعد العلاج حتى يكون بمقدورنا اكتشاف الانتكاسة وعلاجها قبل الاستفحال، فالاكتشاف المبكر هام جداً بسبب سرعة انتشار عدوى هذا المرض. ويعقب الدكتور سعيد قائلاً بأن هذا البحث تطلب دعماً علمياً ومادياً كبيراً وان مركز الابحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض قد قدم الدعم بشكل كبير وبمجرد نشر البحث في مجلة علمية عالمية سيكون معداً للتداول داخلياً وخارجياً مع حفظ حق الاكتشاف للباحثين ولمركز الابحاث وللمملكة العربية السعودية.