تستضيف الرياض القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة، وكانت الدورة الأولى للقمة قد عقدت في دولة الكويت في يناير 2009 في حين عقدت الدورة الثانية للقمة في يناير 2011 في مصر. الاقتصاد العربي يعاني من تشوهات جوهرية تقف عائقاً في وجه تحقيق نمو إقتصادي حقيقي ويأتي انعقاد القمة في وقت تواجه فيه العديد من الدول العربية تحديات اقتصادية واجتماعية وتنموية كبيرة حيث ان التغيرات المتسارعة التي مرت بها المنطقة العربية (الربيع العربي)، تسببت في حدوث العديد من التغيير الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية مما تسبب في تراجع وتيرة النمو الاقتصادي وتباطئ الانتاج وتراجع الاستثمارات الاجنبية وتراجع عائدات السياحة كل ذلك ترافق مع انخفاض قيمة العملة المحلية ونقص في العملات الاجنبية مما شكل عبئ ثقيل على الحكومات الجديدة وخلق الكثير من التحديات الاقتصادية والامنية والاجتماعية. وكل هذه التغيرات اثرت على برامج التعاون العربي المشترك. وستناقش القمة عدد من القضايا و الملفات الاقتصادية والاجتماعية المهمة والتي أصبحت مطلبا مهما للشعوب العربية ومنها قضية انتشار البطالة بين الشباب العربي وضعف مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الكلي العربي، وعدم القدرة على تحقيق الأمن الغذائي والمائي ومشروع الربط الكهربائي وتحرير قطاع الإتصالات وتقنية المعلومات وتنشيط دور المجتمع المدني في التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة. نعتقد ان احد اهم الملفات المهمة والمطلوب تحقيق تقدم بها هو تنشيط التجارة البينية العربية فعند مقارنة حجم التجارة البينية للدول العربية مجتمعة نجد انها تشكل نسبة منخفضة جدا لاتتعدى 11% من حجم التجارة مع بقية دول العالم وعند مقارنة هذه النسبة ببعض التكتلات الدولية يتبين ضعفها حيث شكلة التجارة البينية بين دول اتحاد ايبك (Apec) حوالي 70% و الاتحاد الأوروبي 67% . إن المتتبع لنتائج وتوصيات القمتان السابقتان (الكويت وشرم الشيخ) يجد أنه لم يتحقق الكثير من توصيات القمتان السابقتان في مجال خلق الوظائف ودعم التعليم و تطوير البحث العلمي وتحقيق الأمن الغذائي والمائي و مشروع الربط الكهربائي، ولايزال الإقتصاد العربي ككل يعاني العديد من التشوهات الجوهرية والمشكلات الإقتصادية الكبيرة التي تقف عائقاً حقيقياً في وجه تحقيق نمو إقتصادي حقيقي يحقق الحد الأدني من متطلبات الحياة الكريمة للشعوب العربية. ولازال هنالك الكثير من المبادرات التى لم يتم تفعيلها على ارض الواقع ومنها وعلى سبيل المثال الصندوق العربي لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والذي تم إنشائه في الدورة الاولى والبالغ رأس ماله ملياري دولار حيث قامت الدول العربية بسداد 1,2 مليار دولار والتي تمثل 60% من رأس مال الصندوق حيث شاركت السعودية بمبلغ 500 مليون دولار و دولة الكويت بمبلغ 500 مليون دولار (والتي تمثل مجتمعه 50% من رأسمال الصندوق) وتوزعت بقية المبلغ ( 200 مليون دولار ) بين بقية الدول العربية. وتم ايداع المبالغ المجمعة من راس مال الصندوق و البالغة 1,2 مليار دولار في حساب لدى الصندوق العربي، ومن المعلوم أن الصندوق لايوجد لدية آلية عمل محددة و واضحة او حتي خطط تنفيذية معلنة للبدء في تنفيذ العمل المطلوب منه و بالتالي لم يتم حتى الان ترجمة عمل الصندوق على ارض الواقع و لم يشعر المواطن العربي بأي فائدة تذكر من المبالغ المودعة في الصندوق او حتى بوجود الصندوق اصلا. نعتقد ان الحل الوحيد لتخطي هذه الصعوبات هي ان تتوصل القمة الحالية الى قرارت حاسمة تذلل الصعاب امام تطبيق المبادراة التنموية والاقتصادية المتوقع اقرارها خلال القمة وتسرع من وتيرة التنفيذ.