بزغاريد فرحة وأهازيج سعادة لابد أن نستقبل خبر بدء مباشرة المرأة لعضويتها في مجلس الشورى، وإتمام الأمر ليس بمستغرب ولا مفاجئ في هذا العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- ، وسدد في دروب الخير خطاه، لقد أكمل مسيرة قادة هذا المملكة العظيمة الشأن الذين من سالف أزمان حملوا على عاتقهم وسعوا لتنال المرأة السعودية حقوقاً صانها الدين الحنيف الذي هو منهاج وشرع هذا البلد الكريم. أن تعطى المرأة حق المشورة فما في ذلك بأس ولا مخالفة لشرع ولا شريعة ولنا في رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أسوة حسنة، وهو خير من طلعت عليه الشمس، ولا ينطق عن الهوى وقوله ورأيه وحي من السماء ومع هذا سمع للنساء وأخذ عنهن، والحادثة المعروفة لاستشارته لأم المؤمنين (أم سلمة) رضي الله عنها في شأن المسلمين حين تأخروا عن الاستجابة لأمره الشريف بصلح الحديبية، فأشارت عليه أن يخرج لهم ويتحلل أمامهم وفعل عليه أفضل الصلاة والسلام وتبعه المسلمون بعدها. تأخر المسلمون في التجاوب والانصياع لحزنهم على تأخير رغبتهم فالأمر ارتبط بالعاطفة في نفوسهم فجاءت المشورة من امرأة وهن خير من يقدر الجانب العاطفي لذا رأيها حرك مشاعر حبهم وولائهم للرسول وذكرهم باتباعه كقدوة وقائد وصاحب قرار فانصاعوا للأمر وتجاوبوا معه، ولعل في هذا الموقف ما يبعث رسالة صريحة بجواز ونفع الأخذ بمشورة النساء ومشاركتهن الرأي، كما كان يسر لخديجة رضي الله عنها من قبل بأموره، وعائشة كان يعود إليها ويشاورها رجال أشاوس، فالرأي حين يجمع حزماً وليناً يحقق الهدف وأحسب كذلك أن كثيراً من أمورنا وقضايانا تحتاج ذاك التكامل لرأي صارم وحاسم من رجال، وآخر متعاطف أكثر تدقيقاً في تفاصيلها وحيثياتها مما يتوافق وسمت النساء!. .. اليوم أعطيت المرأة حق المشاركة ومساندة الرجال وعليها أن تثبت أنها أهل لهذا، وتبرهن على جدارتها بالإسهام في صناعة القرار الوطني، فهن منذ أن يؤدين اليمين على الصدق والأمانة والعدل ستتضاعف مسؤولياتهن عن تأكيد الدور الفاعل لهن في النهوض بشأن نظام لمجلس تم التعديل على بعض مواده وما يتناسب ووضعية وجودهن عضوات فيه، كما أن عليهن البذل في العمل المنوط بهن مراعيات لحق الله أولاً ثم الوطن وصالحه ثم شعب وثق بهن وصفق وصادق على قرار انضمامهن. بنظرة متفائلة سنتوقع أن يضعن بصمة ويسجلن حضوراً لافتاً، ويغدو لتواجدهن يد طولى في بحث ونقاش كثير من القضايا العامة، وقضايا المرأة خاصة فهن مطالبات بأن يركزن أكثر على قضايا النساء كونهن الأقدر على تشخيص الوضع والاطلاع عليه، وتقدير أبعاده وحيثياته من قلب الحدث وبالتالي نقل صورة أكثر وضوحاً ومصداقية. وجود المرأة تحت قبة المجلس محتفظة بهويتها وخصوصيتها كسيدة سعودية قد يغير مفاهيم ومعتقدات سيطرت على حياتنا زمناً طويلاً وعشعشت في عقول الكثيرين همشت دورها واعتبرت خروجها موطن شبهة وبوابة خزي وندامة، وهو من صير المرأة مواطناً من الدرجة الثانية، والوصاية عليها بلا حدود من المهد إلى اللحد، ولكن وراء أمثال تلك الخطوات فكر حكيم نير قاس ما هو أبعد من خوض المرأة لكافة المجالات، إنما هو تخطيط وتمهيد ومحاكاة لواقع يشهد نهضة شاملة ومتكاملة من العبث والتجني والسذاجة أن تشل فيها أحد أذرع الوطن. في الرجال الخير والبركة وقاموا ومازالوا يؤدون الأدوار على أكمل وجه بيد أن يداً واحدة لا تصفق، والمرأة جزء لا يتجزأ من جسد هذا الوطن، وأمست تمثل النسبة الأعلى من عدد سكانه وهذا ما يجدر بعاقل أن يدركه، ودائماً لابد أن نتذكر أن الحياة آدم وحواء ومعاً يقومان بعمارة الأرض وإتمام المسيرة.