القاتل يُقتل في حكم القضاء السعودي وفق أحكام الشريعة الاسلامية، وأي انحراف عن هذه القاعدة الشرعية في قانون العقوبات في هذه البلاد يعد انحرافا معيبا في تطبيق حكم الله على من تعدى على حق الله وعباده، إذن لماذا نتهم دائما اذا طبقنا حدود الله بالتعدي على حياة البشر وحقوقهم ؟ وكأن قضاءنا يمثل حكم عصابات تمتهن إهانة كرامة الناس وسفك دمائهم ! قبل عامين اتهم مواطن بغرس 20 مسماراً في جسد خادمة سريلانكية، كشفت عن حالها بعد وصولها الى بلدها، وبعدها انتفخت علينا اشداقٌ وصدور، وأفرغت على سمعتنا وصورتنا ما بها من حقد وكره، واصبحنا نسمع من كل اتجاه في العالم صوتا يصبّحنا بشتيمة، وآخر يمسيّنا على مثلها، وبعدما اخذنا نصيبنا المعتاد من الذم تبين ان وراء الأمر حيلة ماكرة صنعت بأرض الخادمة ولم نكن فيها طرفاً، بعد هذه الحادثة مباشرة تقدمت خادمتان سريلانكيتان في الكويت وعمان بشكوى تفيدان بها بأنهما تعرضتا لتعذيب قاس وغرس مسامير بجسدهما، ولم تكترث دولتهما ولا صحافة العالم ومنظماته الدولية بتلك الشكوى، عكس ما تعرضنا له تماما، فشكوى العامل على المملكة صحيحة الى ان يثبت العكس، وفي البلدان الأخرى شكوى العامل تتطلب الفحص والتأكد قبل الإدانة، ما السر في ذلك؟ السر بأننا نعدّ انكشاف الحقيقة بعد اتهامنا زورا انتصاراً نشكر الله عليه، وعند هذا الحد ينتهي الموضوع، حتى اصبح هذا السلوك قاعدة يجب ان تنضبط عليها جميع ردود افعالنا اذا تعرضنا لخطأ واضح أو تعد مشين، فمن يتهمنا زورا يعرف جيدا انه اذا لم يكسب شيئا من اتهامه لنا، فإنه في أسوأ الأحوال لن يخسر شيئا، فلا توجد جهة واحدة لدينا تتابع تلك الاتهامات بالخارج وتتصدى لها بقوة القانون وسلطاته، الاستثناء الوحيد في هذا الاتجاه كان على يد المغفور له بإذن الله سمو ولي العهد الأمير نايف، عندما قام بمقاضاة صحيفة بريطانية في بلدها وكسب القضية. أمس ثارت علينا صحف العالم ومنظماته الدولية بسبب تنفيذ حكم القصاص على خادمة سريلانكية ارتكبت جرما بشعا لا يقره كل ضمير انساني حيث قتلت ابن كفيلها الرضيع، وقامت على اثر ذلك جهة قضائية سعودية بتفنيد مزاعم تلك الجهات الدولية، وعند هذا الحد توقف الجهد الذي يحاول أن يقنعنا نحن فقط بسلامة اجرائنا القانوني بدون ان يمتد الى الخارج ليرد بالقانون على جميع التعديات القبيحة علينا وعلى قضائنا، فحكم قضائنا ليس منشورا سريا نستخدمه متى نشاء، بل هو دستور اطلع عليه أغلب أهل الأرض (القرآن الكريم) فلا شرعية يحتج بها عليه الا منه ذاته، وبهذا النظام عرفنا العالم، وبه ايضا يجب ان يحترمنا. قبل عام كانت قضية المتهم المصري الجيزاوي بتهريب حبوب مخدرة عبر مطار جدة، وقامت الدنيا علينا بعد هذا الاتهام ولم تقعد، وأخذت هذه القضية ابعادا سياسية، سرعان ما عرفها الاشقاء في مصر بعدما تبين لهم سلامة اجراءات الاتهام .. فإن كان للمملكة مصلحة بهذا الاتهام فهي تنفيذ حكم القضاء عليه، وليس اتهامه كمسافر بريء، والى أن يصدر الحكم فعلى اشقائنا ان يحترموا احترامنا لهم، وعلينا نحن أن نعرف أن السكوت على الاساءة ليس فضيلة كما كنا نعتقد.