يزدان جبين التاريخ برجالٍ كرامٍ منحوا الأوطان أجمل أيامهم، وأنْدى سِنِيِّ حياتهم، رجالٍ قلائل نبتهج للقياهم وحضورهم، ونأسى لغيابهم، وإن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز محافظ الخرج السابق أمدّ الله في عمره، ومتعه بالصحة، وحلّاه بالعافية لهو غُرَّةُ هؤلاء الرجال، ونجمهم الذي سطع في أفياء محافظة الخرج قرابة عقدٍ من الزمن، فأحسن السيرة، وأبدع في المسيرة، وشق لأهل المحافظة جداول الخير، ودروب التطور والرقيّ. فحينما تولى سموه الكريم إدارة المحافظة وتحمل أعباء المسؤوليات فيها كانت مرافقها ومؤسساتها التعليمية والاجتماعية والخدمية وغيرها توّاقة إلى المزيد من التطوير والتعزيز، فاستشعر سموه ذلك وبادر إليه ، فدارت عجلة الرقي والازدهار عجلى تسابق الزمن كأنما كانت تشعر بقصر المدة، وقرب الفِراق، فاستغلت الدقائق وأجزاءها، وبسطت عباءتها على كافة الضروريات والحاجات التي نقَّب عنها سموه وقلّب النظر فيها، بل حتى الكماليات والترفيهيات، وتجلّت ألمعيّته في إشراك كافة فئات مجتمع المحافظة القادرة في النشاط النهضوي الذي أراده لها، محفوفة برعاية أبوية حانية، ومتابعة صابرة صادقة. ومنذ ذلك الحين ومحافظة الخرج في ازدهار مسترسل، وتطور مطرد. وبأدنى تأمل لما تعايشه المحافظة حالياً نلحظ بجلاء ذلك البون الشاسع والتحسُّن الشامل المتحقق لها بحمد الله تعالى ثم بجهوده وتوجيهاته وقيادته الموفقة. بل أستطيع القول إن معالمها اليوم أكثر جمالاً وبريقاً عما كانت عليه، فثمة جامعة شامخة فتية (جامعة سلمان بن عبدالعزيز) تمثل أبرز معالم النهضة العلمية للمحافظة، إذ تضم إحدى وعشرين كلية، إحدى عشرة كلية منها في المحافظة، وتحتضن آلاف الطلاب والطالبات، وهو الحلم الذي راود أهالي المحافظة مراراً حتى تحقق على يد سموه الكريم، إذ شجّع وطالب وتابع، ولقي مسعاه رضا قيادتنا الرشيدة وفقها الله، فكانت الجامعةُ، وكان له ولأهل المحافظة ما أرادوا ولله الفضل والمِنَّة. وما فتئ سموه الكريم يسعى لتعزيز مكانة الجامعة ودورها التعليمي والمجتمعي، فتواصل مع إدارتها، وأدلى بآراء وتوجيهات سديدة ناجعة كان لها آثار إيجابية في مسيرة الجامعة الواعدة، كما حرص على تشجيع مسؤوليها، وتوجيه طلابها، ورعاية العديد من مناسباتها ومناشطها، وتحفيز المؤسسات الأخرى داخل المحافظة للتواصل مع الجامعة من أجل معاضدتها والتعاون معها وفق ما يحقق الخدمة المجتمعية المنشودة على الوجه اللائق، وكل ذلك يشي بنظرته الثاقبة التي من شأنها تحقيق التنمية الصحيحة المستدامة الكفيلة بخدمة المواطن، وإراحته في الكثير من الجوانب الحياتية. لقد أزمع سموه الكريم الرحيلَ عن المحافظة وهي في أزهي حللها وذروة نشوتها، فله منا الشكر أوفاه، ومن الدعاء أدومه، وستبقى إنجازاته وبصماته في المحافظة شواهد على بديع إدارته. وأملي وأمل كافة أهالي المحافظة أن تتواصل مسيرة المحافظة نماءً وازدهاراً كما هي مسيرة بلادنا المباركة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع -حفظهما الله-. إنه يا صاحب السمو وداعٌ عزيزٌ، ولكنّ عزاءنا أن الرجال هم الرجال أينما ذهبوا وحيثما استقرّ بهم المقام. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل..