عرفت الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بتاريخها المشرق في مسيرة هذا الوطن ومشاركة شقيقها الملك عبد العزيز رحمهما الله همّ استعادة وطنه في مرحلة حرجة جدا وظروف بالغة الصعوبة منذ كانت شابة صغيرة فكان يرحمه الله يستمد منها ومن آرائها وصلابتها عزيمته بعد الله في خوض معارك حاسمة حملت شعار النصر أو الشهادة حتى كتب الله له توحيد هذا الكيان ولملمة شتاته فكانت بالنسبة له وهي التي تكبره بسنة واحدة الأخت والأم والعزوة، وصفت يرحمها الله بأنها بعقلية أربعين رجلا وقال عنها الانجليزي جون فيلبي هي امرأة عظيمة وتحمل صفات السيدة الأولى في أوربا ، وفي سنة 1937م التقتها الكاتبة الانجليزية فيوليت ديكسون في منزلها بالرياض وبهرت بشخصيتها ونشرت مجريات اللقاء ضمن كتاب ( الكويت وجاراتها ) والتي قالت فيه : ما ان حل موعد صلاة العصر حتى خرجت متوجهة إلى قصر الأميرة نورة بصحبتي أيضا حمدة وسالم المزيّن وبعد حوالي نصف ساعة وصلنا إلى المنزل ونظرا لما كان يجري فيه في ذلك الوقت من تشييد لجناح جديد كبير استخدمت لبنائه قوالب اللبن التي تناثرت هنا وهناك , كان المشهد يثير شيئاً من الارتباك وعلى أي الأحوال سرعان ما اقبل خادم اسود صغير واقتاد سائقنا إلى المدخل حيث ترجلت وحمدة تتبعني وبعد ان اجتزنا المدخل واتجهنا نحو اليسار وجدنا أنفسنا أسفل شرفة تستند إلى أعمدة تحيط ببهو صغير. كان عدد من النساء في الانتظار لاستقبالنا. وتبادلنا التحيات العربية المعتادة وجلسنا أرضا على السجاجيد واستندت إلى حشيات ضخمة نسقت أسفل الجدران وأخذت أفكر أين تكون نورة هذه السيدة الرائعة التي سمعت عنها الكثير والتي يقال إنها تزيد طولاً عن شقيقها الملك عبدالعزيز لا بد أنها ستصل بعد قليل، أم أن كل ما سمعته هو محض خيال وان السيدة الفاتنة المهذبة الجالسة إلى جواري الآن تتحدث وكأنها زوجة شيخ من كبار شيوخ البادية، وتستخدم تلك اللغة العربية البدوية الجميلة والجذابة، هي نورة الشهيرة وخطرت لي فكرة يا حمدة، انني سعيدة للقائك، وقد سمعت عنك الكثير، وابتسمت، وهمهمت بكلمات رقيقة بصوت خفيف، وكان كل شيء على ما يرام، والآن، عرفت أين أكون (هي بالفعل نورة). سألت: كيف الحال في الكويت هل فلانة وفلانة وفلانة لا يزلن على قيد الحياة ؟ وقلت: مضى وقت طويل منذ كنا هناك يا نورة عندما دخل أخوك الرياض، هل تركك في الكويت ؟ نعم ، ثم أرسل لي بعد ذلك للمجيء إلى هنا. ثم قدمتني لفتاة لطيفة ممشوقة القوام تجلس في مواجهتنا : هذه ابنتي الجوهرة ، زوجة الأمير فيصل بن عبدالعزيز فتبادلنا الابتسامات، وقلت صائحة : ما شاء الله يا نورة ، أنتِ ما زلتِ بنتاً ، كيف يكون لك ابنة في مثل هذه السن ؟ إنكما تبدوان كالشقيقتين ! وسألت : من تكون السيدتان الأخريان ؟ إنهما زوجتا ابني محمد، ثم أضافت، انه خرج في رحلة صيد مع زوجها، سعود الكبير. وقالت : يجب أن تأتي معنا إلى مكة. - كيف يتسنى لي ذلك وأنا من الكفار؟ - يجب أن تكوني واحدة منا وتصبحين مسلمة، يجب عليك أداء الصلاة كما نفعل حتى يمكنك الانتقال إلى جوار الله مباشرة عند وفاتك، إنني لا أطيق أن أتصور انك ستخلدين في النار، قولي انك ستفعلين، قولي إن شاء الله. والتزمت الصمت وأنا لا ادري على وجه الدقة ماذا علي أن افعل، بينما تكاد تمسك بي وتهزني هزا. هيا قولي إن شاء الله. وهمهمت : إن شاء الله. وتوجهت نورة بحديثها إلى خادمتي حمدة وطلبت منها أن تعمل على أن أكون من المؤمنات حقا. وقلت : يا نورة فلنجعل زوجي يسلم أولا، رغم خوفي من انه سوف يقدم في هذه الحالة على الزواج من فتاة أو فتاتين من جميلات البدو. حسنا لا تحملي هماً، إنهم جميعا يفعلون ذلك ،ولكننا لا نبالي، انه شيء جيد أن يكون للرجل عدد من النساء. الم تتزوج ابنتك بعد ؟ كلا : إنها في المدرسة تتعلم الكتابة. لماذا عليها أن تتعلم ؟ وهنا تدخلت الجوهرة مازحة وقالت: أنا اعرف نساءكم لسن مثل نسائنا، فإذا لم تتزوج المرأة عندكم ، وجب عليها أن تسعى لكسب رزقها. وقلت هذا صحيح انه يكتب علينا أحيانا أن نجلس في انتظار من يتقدم لطلبنا للزواج، وكم من فتاة يفوتها القطار وتظل بلا زواج. واقترحت نورة، دعي ابنتك تتزوج واحدا منا. ثم أخبرتها عما حدث ذات يوم عندما جاء احد شيوخ البدو ليطلب يدها وكان قد قال : حددوا عدد الجمال وسوف أعطيها لكم وبعد أن فكرت هنيهة، أجبته قائلة : اعطني كل الجمال المشهورة التي تمتلكها والتي كنت اعرف أنها كسبت في إحدى الغزوات وانصرف حزيناً إلى حد ما، ولكنه مازال يفكر فيها ويسأل عنها..( يتبع )